بات واضحا وجليا أن الكويت لا تواجه خطر جائحة فيروس كورونا المستجد وحده، بل تواجه معه العديد من الفيروسات المستشرية في جسد الدولة، فكلمتا صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حملتا المضامين التي تجيش بها قلوبنا وصدرونا، من ضرورة تصويب المسار من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتأكيد على أن محاربة الفساد واجب شرعي، وأن الحرب ستكون ضد القلة الضالة التي تحاول هدم المجتمع وقيمه ومعاييره وثباته واستقراره، وهو ما جعل القلم يصدح بالكتابة لأن أخبار «مافيات» الفساد والسرقات التي تطالعنا في كل يوم، تنبئ عن أمر جلل وخطير، بل لا أبالغ حين أقول بأنها تنذر بأن النار تحت الرماد، وربما هذا ما دفعني للكتابة لأنى أشعر بالخوف والقلق على مستقبل هذا الوطن الكريم الغالي علينا جميعا.
ودعونا نصارح أنفسنا في هذه اللحظة التاريخية التي تقف فيها مختلف أنظمة دول العالم لتراجع وتعدل سياساتها، وتحاول الخروج من أزماتها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، وبناء مستقبل مشرق لوطنها وأبنائها، ومن ثم فإن المصارحة هي السبيل الأول الذي من خلاله يمكن الحفاظ على بلدنا وبناء مستقبل أفضل لأجيالنا.
القلق: تفرض المصارحة القول بأن الوضع لا يعجب أحدا، فلا أحد يشعر بالراحة، وهذا القلق هو أخطر ما يهدد الاستقرار بمختلف أبعاده، فبنظرة سريعة نجد أن القلق سمة عامة للوضع الحالي، القلق الذي ينتاب المواطن، وينتاب رجال السياسة، وينتاب البرلمان، وحتى الحكومة – حتى وإن حاول البعض أو الكثير من الناس القول بغير ذلك، فالمواطن الكويتي ذكي وفطن، ولديه من الخبرات المتراكمة ما يجعله يشعر بالقلق على مستقبله ومستقبل الكويت وأجيالها، وأنا كمواطن كويتي أشعر بالقلق للعديد من الأمور، أهمها وضعية «محلك سر» التي يشعر بها المواطن منذ عقود، فلا جديد يذكر ولا قديم يعاد، اللهم إلا بعض القضايا الجدلية الهامشية التي تعطي كل بصيرة إشارة على تأجج الخلافات والانقسامات المجتمعية التي تفرح أعداءنا وتسعدهم، ثانيا حالة العزوف السياسي التي كست المواطن نتيجة لكثرة الوعود السياسية التي تلقاها دون نتيجة ملموسة على أرض الواقع، وهو ما يمكن أن يقال عنه «جعجعة بلا طحين»، ويمكننا أن نضيف إلى حالات الفساد والتزوير والرشوة التي يسمع عنها المواطن كل يوم، وتشير إلى مستويات فساد غير مسبوقة في وطننا الحبيب، وإلى حاجة ملحة للإصلاح والتغيير الجذري، غير أن أيادي الفساد لا تكاد تترك الأمر على حاله، وهو ما دلت عليه الكثير من المحاولات التي تحاول النيل من هذا الوطن العملاق بأهله وناسه، فإلى متى الصمت وإلى أين الطريق؟!
البحث عن حل: أكتب إليك أخي المواطن، وأنا أعبر عما بداخلي من قلق على بلدي الكويت ومستقبله، فخبرتي البسيطة تجعلني أرى العديد من المؤشرات المنذرة بالخطر الشديد، وهو قلق مستمر منذ فترة ليست بالقليلة، حاولت خلالها البحث عن مؤشرات إيجابية تساعدني على تخطي هذا الأمر، لكن الأمر جد خطير، ومؤشرات الفساد وجرائم التزوير والرشوة والفشل والتخبط الذي يعتري عددا من مؤسسات الدولة، قد جذبني جذبا إلى الكتابة بأسلوب واضح ومباشر لا تقعر ولا فلسفة فيه كأني أتكلم معكم، كما هي عادتي في الحديث، ومن ثم إذا كنت أخي الكريم تقرأ هذه السطور، فإنها تعبير عما بداخلي من القلق، أملا وسعيا للبحث عن مخرج من أزمة فيروس كورونا وفيروسات التخبط والفساد، لبناء مستقبل أفضل للكويت وأبنائها، لأن هذه اللحظة التاريخية توجب على كل محب لتراب هذا الوطن أن يسعى ويتحرك، فهذه يدي أخي بانتظارك لعلنا نستطيع! وكل عام وأنتم بخير ومبارك عليكم الشهر الفضيل، ربي يتقبل منا ومنكم صيامه وقيامه.