لم تكن تلك الظروف التي تزامنت مع تولي الأستاذ د.فايز الظفيري إدارة جامعة الكويت ظروفا طبيعية، فقد كانت تمثل تحديا كبيرا وكانت مهمة إدارة الجامعة يصعب تكهن نجاحها مع ما تمر به البلاد من جهة وما تمر به الجامعة من جهة أخرى، فكان تعرض الكويت كغيرها من دول العالم إلى تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) يضفي الغموض على كل أمور الحياة، فلم يكن من السهل التنبؤ بما يمكن مواجهته مستقبلا، كما لم يكن من الممكن معرفة المدة التي ستستغرقها دول العالم في تعرضها للوباء وما تحمله الجائحة من مفاجآت.
وقبل تعرض العالم للجائحة وما يعيشه من اضطراب وغموض كانت جامعة الكويت تعيش سنوات من التعثر والتخبط، فالملفات العالقة والترقيات والتعيينات وغيرها من الأزمات الأخرى التي تعيشها تجعل النجاح في مهمة إدارة الجامعة أمام أي كان من المرشحين لإدارتها أشبه بالمستحيل، فكان قبول د.فايز الظفيري لإدارة الجامعة مغامرة وتحديا، وقد أجزم بأنها أكبر مغامرة دخلها د.الظفيري، حسب معرفتي به، فقد أقبل على مواجهة تيار صاخب من التحدي وكومة كبيرة من الأوراق المبعثرة التي تقاذفتها الرياح العاتية عبر السنوات الماضية.
لقد كانت وما زالت جامعة الكويت صرحا شامخا للعلم، لكنها مع ما تمتلكه من أساتذة وعلماء وباحثين وإداريين متميزين تعرضت في السنوات الأخيرة لموجة كبيرة من التعثر يصعب على الكثير من الإداريين مواجهتها، فكيف استطاع فايز الظفيري في عام ونصف العام أن يعيد إليها بريقها وتميزها وأعاد ترتيب الأوراق وحل الأزمات وإدارة الملفات العالقة باقتدار وكفاءة متناهية بشهادة جميع ما في الجامعة من أساتذة وإداريين وطلبة ورجال أمن أيضا؟
لقد امتلك الظفيري ما لم يمتلكه غيره من حكمة وحنكة ومن إخلاص ورزانة، ما مكنه من إدارة الجامعة بكل ما تحمله كلمة إدارة من معنى، فلا شك أن ما قام به سيبقى عالقا في أذهان جميع منتسبي جامعة الكويت، فقد قام خلال فترة قصيرة بإنجازات عجزت عنها إدارات متتالية وتجاوز ما أنجزته أربع إدارات من قبله، فتلك الملفات التي كانت عالقة والترقيات المنجزة والتعيينات وسد الثغرات القانونية وغيرها خير دليل على ذلك، إضافة إلى كوننا لأول مرة نشهد ثلاثة أو أربعة مجالس للجامعة في العام الدراسي الواحدة، فكان التواصل الدائم مع مسؤولي الجامعة عنوانا لتحمل المسؤولية والانفتاح على الرؤى وسبيلا لنجاحك وتميزك يا فايز.
لله درك يا فايز، فقد فزت بالنجاح وفزت كذلك بمحبة الآخرين، وعلى قدر حزننا على وداعك فرحنا بمن تولى المهمة بعدك أ.د.بدر البديوي، الرجل الذي يمكنك أن تسمعه قبل أن يتكلم من خلال ما يعلو محيّاه من ابتسامة وبشاشة، فلا شك أنه ستكون له بصمة واضحة في إدارة الجامعة كما كان له ذلك في الإدارات السابقة الذي تولاها وآخرها عمادة الدراسات العليا، وهو فعلا خير خلف لخير سلف.
أرجوحة أخيرة: نقول وداعا يا الظفيري، لقد كفيت ووفيت ووفقك الله وين ما بقيت، وأهلا يا البديوي بالمكانة التي طالما كنت تستحقها وأنت خير أهل لها.