تعتبر الكلمات المركبة نوعا جديدا من أنواع التعبير بين البشر، كما يعد تعريب الكلمات الإنجليزية المستخدمة في الوسائل التكنولوجيا نوعا مستحدثا للتفاهم بين أبناء البلد الواحد إلا عندنا في الكويت، يا سبحان الله، حكومتنا تأبى أن تتفاهم معنا سواء كان ذلك التفاهم بالطريقة التقليدية أو بكلمات الدمج المستخدمة لدى شعوب العالم في زمن السرعة!
في الأيام الأخيرة بت أستشعر حبا ممزوجا ببعض الخبث السياسي، فمرة يعتبرني الحبيب حبيبا وتملأ قلبي الغبطة وأعيش الفرحة والبهجة بما أغدق علي من مال، ومرة أخرى يعاملني كالصديق الذي يأمن جانبه، لاسيما بعد أن غمرني بنعيم أمواله، ورغم ذلك الشعور المغلف بالحذر والريبة كونه دائما ما يحتفظ بسهام الحيطة الموجهة نحوي خشية ردتي عليه وتنصلي من وصاله، أجد نفسي أسير تلك العلاقة ريثما يأفل نجمي ويجد من يحبه أو يصادقه بعد حلول خريف تلك العلاقة التي تربطنا معا.
إن الحالة التي أحدثكم عنها ليست حالة طارئة أو مستحدثة، إنها حالة تكررت سابقا وستتكرر لاحقا، ولعل ذلك ما يضعني في مواجهة الذات، فكيف لي أن أعيش الحب الفاشل والصداقة المتمسكنة مرارا وتكرارا، كيف ذلك وأنا أمتلك الكثير من البدائل والقدرة على فتح الجبهات التي تمكنني من احتلال الصف الأول بين المحبين.
ولعلنا نلاحظ أن المجتمعات المتقدمة تنفق الأموال الطائلة في البحث عن وسائل التفاهم والتعايش بين أطيافها المختلفة لتضمن بذلك الاستمرار في التقدم والاستقرار من خلال خلق حالة من الرضا بين حكومة الدولة وشعبها.
وعلى العكس تماما نجد معشوقتنا الكويت تعيش حالة من التخبط والتراجع، وكل ذلك لافتقاد الاستراتيجية المدروسة وفقر القدرات الإدارية والاعتماد على المزاجية ممن يعدون أنفسهم من كبار رجالاتها، أولئك الذين يفتقدون مهارة الطرق التقليدية من جهة، ولا يؤمنون باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة من جهة أخرى، فأصبحت تلك الفئة غير قادرة على إيجاد حالة من التوازن مع أطياف شعبها ومكوناته، ولم تتمكن من نيل حبه وتسيير العلاقات بين فئاته بوسطية المصالح وشفافية الحياد المهني المبني على مصلحة الدولة والشعب بما يحفظ كرامة الجميع.
إن طريقة الحب الموسمي أو التوجه المزاجي المتبع عند المقابلات الشخصية للوظائف القيادية أو ما يسمى الآن بالحوار الوطني لا تليق بعظمة معشوقتي الكويت ولا بحكومتها، ففكرة أطعم الفم تستحي العين باتت فكرة مستهلكة وغير مجدية، لأننا أبناء هذا البلد سواسية ولسنا دخلاء عليه، فإغداق الأموال ورفع المستوى المعيشي لأبناء الكويت لا يعني كسر العيون، ولا يعني الصمت والتزام الحدود المجحفة، فهذا البلد الصغير بالمساحة الذي يباهي الكون بحجم سعة قلبه وحب شعبه له يستوجب مبادلته الحب حبا والعطاء عطاء، فللحقوق كفة وللواجبات كفة توازيه.
أرجوحة أخيرة: نعود لعنوان المقال «حباقة»، نعم كل العلاقات بين البشر لا بد أن تكون «حباقة»، إما حبا وإما صداقة، وغير ذلك لا يكون إلا عداء، والعداء بين أبناء الوطن الواحد يعني تفكك المجتمع وعدم استقراره وما يمكن أن يبنى على ذلك من تبعات، لذا أقول إن اعتبار إخواننا المهجرين أعداء وعدم السعي للتوافق معهم أمر مرفوض، وإرضاؤهم والتراضي معهم واجب ومصلحة وطنية كبرى، وما إخواننا إلا أبطال في زمن قلت فيه البطولة الصادقة.