تعتبر وسائل الاتصال الجماهيري إحدى أهم الوسائل المؤثرة في تكوين ثقافة المجتمع ومؤسساته المختلفة وانتشار المفاهيم السياسية والاجتماعية والثقافية الحديثة مثل (حقوق الإنسان، الحداثة، العولمة، والديمقراطية... الخ)، وقد ركز العديد من الباحثين في علم الاجتماع والاتصال على أهمية دراسة وسائل الاتصال الجماهيرية، واعتبروها نوعا من الاتساق الاجتماعي الذي يقوم على مجموعة من البناءات الاجتماعية ويؤدي في الوقت ذاته العديد من الوظائف التي حددت الفعل من أجله.
وتطورت في السنوات الأخيرة وسائل الاتصال تطورا هائلا بفضل التقدم العلمي والثورة التكنولوجية التي شهدها القرن العشرون، فأصبحت وسائل الاتصال الجماهيري (الإعلام) تمارس دورا جوهريا في إثارة اهتمام الجمهور بالقضايا والمشكلات المطروحة، حيث تعد وسائل الإعلام مصدرا رئيسا يلجأ إليه الجمهور في استقاء معلوماته عن كل القضايا السياسية، والثقافية، والاجتماعية بسبب فاعليته الاجتماعية وانتشاره الواسع، فالإعلام بقدرته على الحراك ومخاطبة القسم الأعظم من التكوين المجتمعي، يمتلك الإمكانية على التأثير الذي لا يأخذ صورة مباشرة، وإنما يقوم بتشكيل الوعي الاجتماعي بصورة غير مباشرة، وبوتيرة متسارعة غير ملحوظة دون مقدمات. وتمثل وسائل الاتصال الجماهيري عنصرا مؤثرا في حياة المجتمعات باعتباره المروج الأساس للفكر والثقافة، وتسهم بفاعلية في عملية تشكيل الوعي الاجتماعي للأفراد إلى جانب الأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات المدنية، بل إنها في كثير من دول العالم أحد منتجي الثقافة عن طريق التفاعل والتأثير الإنساني المتبادل، وفي السنوات الأخيرة اكتسبت وسائل الإعلام باختلافها أبعادا جديدة زادت من قوة تأثيرها على الأفراد والجماعات.
وهكذا نجد أن للإعلام وسائل تأثير واضحة على تشكيل الوعي الاجتماعي، حيث يعمل النظام الإعلامي للمجتمع خلال ما يتبناه من اتجاهات فكرية وطبقية على صياغة وعي الأفراد، ويعتمد ذلك على وسائل الإعلام نفسها، وأساليب تلك الوسائل في معالجة الرسالة الإعلامية، ولكي تستطيع وسائل الاتصال الجماهيري القيام بمهامها التوعوية في رفع الوعي المجتمعي عليها أن تعمل على:
1 - تقديم برامج هادفة بحيث تكون للمادة الإعلامية ومضمونها، تهدف إلى تحقيق احتياجات المجتمع من خلال دراسات تقييم مسبقة.
2 - وضع آليات واستراتيجيات عملية لمواجهة طوفان المادة الإعلامية غير الهادفة، والتي تستهدف قيم ومفاهيم المجتمع، والعمل على تحقيق الإشباع السياسي، والثقافي، والاجتماعي، والتربوي.
3 - تعميق وعي المجتمع بمضامين الغزو الإعلامي وسلبياته على الفرد وعلاقاته، والعمل على إبراز القيم التنموية في وسائل الإعلام من خلال التنسيق المتكامل بين الأجهزة المجتمعية المختلفة.
4 - العمل على تطوير برامج واقعية تكون قادرة على استقطاب الشباب وتزويدهم بمعلومات وحقائق عن واقعه، وتناول أهم القضايا التي تمس واقعهم، بحيث يعدها ويقدمها الشباب أنفسهم لمناقشة مشاكلهم التي هم أدرى فيها من غيرهم.
5 - تفعيل دور الجامعات والمؤسسات غير الحكومية بالإسهام في التخطيط والتنفيذ والتقويم للبرامج الإعلامية التوعوية الهادفة سياسيا، واجتماعيا، وثقافيا.
6 - التركيز على مفاهيم المواطنة والانتماء والهوية والحقوق والواجبات.
7 - تعزيز وسائل الإعلام بآليات وكوادر خبيرة بالوضع المجتمعي من أجل النهوض الفكري والتنموي بالمجتمع.
8 - مراقبة البرامج المحلية التي قد تسهم في تفشي قيم ومظاهر سلبية لدى الشباب وخاصة في ما يتعلق بالعنف والتعصب الأعمى، واستبدالها بنشر قيم إيجابية وتعزيز ثقافة احترام الآخر والاستفادة من تجارب الآخرين.
السؤال الذي يطرح نفسه، أين إعلامنا الحكومي والخاص من هذا؟!