لم يكن أشد المتفائلين منا يتوقع أن يظهر المونديال العالمي بهذه الصورة الباهية، كما لم يكن أحد من منتقدي دولة قطر يتوقع أن تقوم قطر بتبديد آماله وإذهابها أدراج الرياح، لقد حضر الكثير من شعوب العالم إلى قطر وهم يخشون هذه المنطقة الغامضة، حيث تم غرس مفاهيم خاطئة لديهم من قبل الإعلام الغربي حول الشرق الأوسط عامة وقطر على وجه الخصوص، وها هي قطر تبدد كل ما قيل حولها وتقدم صورة مشرفة عن العرب والمسلمين، لتعود كل تلك الجماهير وهي تحمل صورة مخالفة لما يقدمه إعلامهم حول منطقتنا وشعوبنا.
لقد استمتعنا بما قدمته قطر من جهود استحقت منا الشكر والثناء، ولم نشهد أي نوع من الشغب أو اختراق أمني في الملاعب، ولأول مرة نشهد في نهائيات كأس العالم الجماهير تخرج من الملعب فرحة وسعيدة بغض النظر عن نتيجة المباراة سواء كانت رابحة أو خاسرة، فقد عززت السياسة التي اتبعتها قطر في إدارة وتنظيم المونديال الروح الرياضية لدى جميع الجماهير وأبدلت مفهوم التعصب الرياضي بتقبل الربح والخسارة، فكم رأينا الجماهير المتنافسة يظهرون معا يتمازحون ويمرحون، حيث سادت الروح الرياضية في جو من المحبة والتآلف فيما بينهم سواء كان ذلك قبل أو بعد المباريات. كم كنا فرحين ونحن نرى الثناء على دولة قطر من كل الجماهير، حيث عبرت تلك الجماهير عن امتنانها لدولة قطر، وأشادت بجهود الدولة ومعاملة الشعب القطري الراقية منذ اللحظات الأولى التي تم فيها استقبالهم.
بدأت قطر المونديال العالمي واضعة نصب عينيها تغيير تلك النظرة التي رسمتها غطرسة الغرب وتعاليه، وتقديم صورة مخالفة عن العرب والمسلمين، وقد نجحت بذلك فعاد الكثير إلى بلدانهم وهم فاقدو الثقة بإعلامهم المتغطرس، لا بل أشاد الكثير من الإعلاميين بدولة قطر وشعوب المنطقة، مؤكدين أن كل ما كان يقال عن العرب والمسلمين يحتاج الى إعادة النظر والمراجعة، حيث كانت قطر واجهة التعامل الإنساني للمسلمين من حيث استقبال الجماهير والترحيب بهم ومساعدتهم وتقديم جميع الخدمات وتذليل كل الصعوبات أمامهم حتى اصبحوا في نزهة ومتعة لم يسبق لهم تجربتها من قبل، كما قدمت قطر بصمة للإنسانية بتخصيص أماكن لذوي الاحتياجات الخاصة إخواننا الذين يحتاجون إلى مكان فسيح لوصولهم والتمتع مع الجماهير في الملاعب، أعطت قطر هذا النموذج الإنساني للمسلمين لتؤكد أن العطاء من الله تعالى ويجب علينا احترام ذلك، فها هو غانم المفتاح وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة يقدم فقرة في حفل الافتتاح، لا بل يكون المتكلم الأول في الافتتاح، لم يكن رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) كما لم يكن أمير قطر، لقد أسند الأمر إلى غانم المفتاح فكانت بداية موفقة لتقديم تلك الصورة المختلفة عنا نحن كمسلمين وكعرب.
لقد وضعت قطر بصمة لا يمكن لأحد أن يمحوها من ذاكرة الشعوب، وقدمت نموذجا قياديا ورياضيا وإنسانيا واجتماعيا وحضاريا ستبقى كبرى الدول عاجزة عن تقديمه مهما حاولت، فالأصل دائما لن تطابقه الصورة مهما اقتربت أو شابهت.
نقولها بالصوت العالي، شكرا قطر العرب، شكرا تميم المجد، شكرا لكل قطري، شكرا لكل من ساهم في هذا الحدث الذي سيخلد في نفوسنا، كرمكم وطيبكم وضيافتكم ووفاءكم وحبكم وترحيبكم منقطع النظير بضيوف المونديال من مختلف أنحاء العالم، أصبحت قطر بحروفها الثلاثة من أكثر دول العالم معرفة لدى شعوب الأرض، فتحية لأهل قطر، وتحية للمجد تميم قطر، وألف مبروك عيدك يا قطر مع الشكر.