كتب أخي وزميلي «ذعار» الاسبوع الماضي مقالا فيه الكثير من المحطات الجميلة المتعلقة بشخصية الشيخة الحانية والشاعرة المتفانية الدكتورة سعاد الصباح، وفي مقالنا هذا اقتبسنا العنوان لكن الحديث سوف يتجاوز مسألة الشعر وصورتها الأدبية، ونحن إذ نقول ذلك لا نقصد بأننا سوف نستثني الشعر في حديثنا، لكننا وددنا أن نقدم صورة مكملة وشاملة امتثلت إليها السعاد وعاشتها بالرضا والقناعة والقبول لم تتجاوز من خلالها ما عرف عن المرأة الكويتية البسيطة، فهي قبل كل شيء كما تقول بنت الكويت:
إنني بنت الكويت
بنت هذا الشاطئ النائم فوق الرمل،
كالظبي الجميل
في عيوني تتلاقى
أنجم الليل، وأشجار النخيل
من هنا.. أبحر أجدادي جميعا
ثم عادوا.. يحملون المستحيل..
اقترنت د.سعاد في أواخر العام 1960 بالشيخ عبدالله المبارك الصباح، وكانت السعاد شأنها شأن المرأة الكويتية خير من يعين الزوج في الحياة وخير من يمتثل للوفاء بعد قضاء الله، فعملت بعد أن توفاه الله على غرس ما كان يحمل من قيم ومبادئ في أبنائها، كيف لا وهم أحفاد مؤسس الكويت الحديثة الشيخ «مبارك الكبير»، ولم يكن من اليسير أن تحمل رسالة الشيخ عبدالله المبارك وتبثها في نفوس أبنائه، لكن مكانته في قلبها جعلت من مهمتها أكثر سهولة، فهي الانسانة العاشقة لزوجها الوفية لذكراه، وهو الذي استحضرته في معظم قصائدها:
ماذا أفعل بتراثك العاطفي
المزروع في دمي كأشجار الياسمين؟
ماذا أفعل بصوتك الذي ينقر كالديك..
وجه شراشفي؟
ماذا أفعل برائحتك
التي تسبح كأسماك القرش في مياه ذاكرتي
ماذا أفعل ببصمات ذوقك.. على أثاث غرفتي
وألوان ثيابي..
ورغم أن د.سعاد من الاسرة الحاكمة وهو أمر ربما يجعلها بعيدة عن قضايا المرأة وعن المطالبة بحقوقها وتحقيق مكانتها، إلا أن السعاد كانت تنتصر لقضايا المرأة من واقعها الأدبي والاجتماعي، فدافعت عن حق المرأة بالكتابة والتعبير عن همومها وقضاياها:
يقولون:
اني كسرت بشعري جدار الفضيلة
وان الرجال هم الشعراء
فكيف ستولد شاعرة في القبيلة؟؟
وأضحك من كل هذا الهراء
وأسخر ممن يريدون في عصر حرب الكواكب..
وأد النساء..
وكما كانت ابنة رجل عظيم وزوجة رجل عظيم أبت السعاد إلا أن تكون أما لأبناء عظماء، فها نحن نرى الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، ونرى كذلك الشيخ مبارك عبدالله مبارك الصباح، وقد قدم كل منهما صورة مشرقة لجدهما مبارك الكبير ولأبيهما عبدالله المبارك.
هذا قليل من سيرة السعاد ولا يسعني سوى أن أقول ألف تحية وتحية إلى عاشقة المبارك السعاد الصباح الصابرة الشاكرة.