نعم عزيزي القارئ «ديموخراطية»، وليست ديموقراطية، وما أتحدث عنه هو «ديموخراطيتنا»، الخاصة بنا والتي لا يعرفها العالم ولا تطبقها البرلمانات الرشيدة لصالح الأوطان ومصلحة الأمم، ودع عنك وعني كل الشعارات الرنانة التي نتغنى بها على الأطلال بأن الديموقراطية الكويتية مثل يحتذى للشعوب العربية، فهذا يبدو من الماضي الذي لا ينتج لنا جديدا ولا يقدم لنا شيئا مفيدا، وأستحلفكم بالله عليكم أن تقفوا وتراجعوا معي إنجازا واحدا من إنجازات المجالس النيابية الماضية خلال العقد الأخير من تاريخ ديموخراطيتنا، ولربما تنصدمون حينما تكتشفون أن الإنجازات جميعها تصب في مصلحة التجار وأصحاب النفوذ، فوراء كل نائب - إلا من رحم ربي - صاحب نفوذ أو متنفذ يستفيد من هذا النائب في تحقيق مصالحه وأهدافه، وفي النهاية تحول مجلس الأمة إلى مجلس التجار وأصحاب النفوذ، وأصبح المواطن هو التجارة الرائجة التي يتاجر بها الجميع، فالنواب يتاجرون بالمواطن ومصلحة الوطن، والمعارضة تغامر بالوطن ومصلحة المواطن.
وأعتقد أن المواطن ومصلحته قد شبعت واكتفت من هذه المزايدات التي لم تقدم للوطن وله أي جديد، وبهذا تحول النظام الديموقراطي لدينا إلى نظام «ديموخراطي» لأن النواب يعتقدون أن المواطن ودماغه «خرطي» ومن ثم فإنه ينسى وعودهم وكلاهم المعسول، وينسى تصريحاتهم التي تتناقض مع مواقفهم، والتي تسير بخطى ثابتة نحو المصلحة الشخصية أو كما يقال «من صادها عشى عياله»، فلا ريب ولا عجب أن يهاجم النائب مسؤولا ثم يعود ليدافع عنه، ولا عجب أن يتخذ النائب موقفا ثم يتراجع عنه بشكل مريب لا مبدأ فيه سوى الاعتماد على نظرية «الديموخراطية»، وان المواطن ينسى، ولكن الحقيقة أن المواطن لا ينسى فالتسجيلات والمواقف أصبحت متاحة في وسائل التواصل الاجتماعي التي رصدتها لهؤلاء الأشخاص لتكشف لنا زيفهم وتفضح أكاذيبهم يوما بعد يوم أمام المواطنين، في بلادة شديدة وعدم إحساس من هؤلاء النواب، والمصيبة ان هذه العدوى قد انتقلت إلى مسؤولي الحكومة التي تثير تصريحاتهم المتناقضة آلاف الأسئلة عن التخبط، ومن ثم فإن كلتا السلطتين تسير بخطى واثقة نحو نظرية «الديموخراطية».
فأرجوك عزيزي القارئ كفاك تباهيا وفخرا بالنظام الديموخراطي الكويتي، وانظر للحاضر وكيف اصبحنا في ركب التنافس الحضاري، وانظر لموقفنا الذي يبحث عن نافذة للتقدم، وانظر إلى النواب الأفاضل ومسؤولينا الكرام في دوامة «الديمواخراطية» وكما قال أحمد فؤاد:
طاطي رأسك طاطي طاطي
أنت في البلد الديموقراطي
أنت بتنعم بالحرية
بس الشرط تكون مطاطي
فارحمونا واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله.