تجربة رمضان هذا العام، هي تجربة مميزة بالنسبة لي، فمحاولة الالتزام بمفهوم الصيام في كل شيء حتى في الكلام والقول، والاكتفاء بالواجب منه، جعلت النفس في حالة أقرب ما تكون إلى العزلة عن الناس، وأقرب ما تكون إلى الوصل والقرب من نفحات هذا الشهر والتذلل للمولى عز وجل عسى الله أن يجعلنا وإياكم من المقبولين والمغفور لهم، وأن يعتق رقابنا ورقابكم من النار، إنه هو التواب الرحيم.
وهذه الحالة من الصوم لم تكن مقصودة، وإنما فرضتها العديد من الظروف، وحقا عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فالجو العام الذي عايشته قبل رمضان بأسبوع ودونته في مقالي «من ينصفني» ساعدني كثيرا على استثمار هذه الحالة في التقرب والتذلل إلى الله، وقد سنحت الفرصة بوجود الأخ الكريم د.ياسر صالح رئيس مؤسسة سفراء السلام بأميركا، الذي تبدو الزيارات برفقته لها طعم ومذاق مختلف وذلك لسببين أولهما حب الخير والإنفاق في سبيل الله الذي تجده عند أهل الخير من أبناء جلدتنا، وثانيهما ان السير في طرقات الخير إلى الله كله دروس وعبر ومعان جليلة تجعل الإنسان يتعلم الكثير ويدرك الكثير، ومن أعظم الدروس التي عهدتها في مؤسسة سفراء السلام «ضافت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج»، فكم كانت البدايات صعبة، وكم كان العون والفرج والمدد من الله عز وجل حاضرا في كل وقت وفي كل حين، حتى أصبحت سفراء السلام من أكبر المؤسسات الثقافية الإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية بفضل الله وكرمه.
وكانت هناك حالة من السعادة والفرحة تظلل القلب كلما أطلت البقاء في المسجد، وما أجمل بيوت الله، وما أحلى مساجد الكويت، جعلها الله عامرة دوما بعباد الله الشاكرين الذاكرين، وندعو الله أن يديم على قلوبنا نعمة التعلق ببيوت الله في الأرض، فكم هي لحظات عطرة يتطهر فيها القلب والنفس بذكر الله وإقام الصلاة، عسى الله أن يجعلنا ممن يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
تنتهي السطور، ولا تنتهي حالة وتجربة رمضان هذا العام، عسى الله أن يختمه لنا بالمغفرة والعتق من النيران، وأن ينصفني من عنده ويظهر الحق ويفضح المزورين، يا رب احفظ أولادنا وبناتنا، وبارك فيهم، واجعلهم من الذرية الصالحة، وأن تنير قلوبنا وأبصارنا بذكرك، وأن تثبت قلوبنا على طاعتك، وأن تحفظ الكويت وأهلها وولاة أمورها ووالدنا صباح وولي العهد نواف، وأن تجعل هذا البلد سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمين.
أرجوحة أخيرة: مبروك لأبنائنا الطلبة تخرجهم في مرحلة ودخولهم مرحلة جديدة من المثابرة والاجتهاد والتعلم، وكل عام وأنتم بخير يا مواطني ويا مقيمي ديرتنا الحبيبة الكويت، تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وعيدكم مبارك جميعا.