الذين يعرفونني جيدا، يعلمون ميلي إلى التأني في إصدار الأحكام والحكم على المواقف العامة، لكنني في القضية الراهنة أرى الأمر واضحا لا لبس ولا جدال فيه، فبحكم علاقاتي وصداقاتي المتعددة مع الكثيرين في البلدين العريقين مصر ولبنان، أجزم أن هؤلاء الرافضين لإخواننا السوريين في كل من مصر ولبنان، لا يمثلون الشعبين العظيمين، وهم بعيدون كل البعد عن كل مفاهيم الإخوة والعروبة والنخوة والمودة التي عهدناها دائما في أهل مصر ولبنان، فما الذي جد؟!
الذي جدّ وقلب الموازين هو الأدوات السحرية المسماة بوسائل التواصل الاجتماعي والتي قد تعطي كل من هب ودب عصا سحرية، ليقول ما شاء، وكثير من العباد أصبح يستخدمها في السحر الأسود والقول الأسود، مما جعلها بلاء في كثير من الأحيان ولا تأتي بخير - إلا ما رحم ربي- فاتقوا الله يا عباد الله.
من جهة أخرى فأنا أتعجب من هؤلاء المتأففين في مصر ولبنان من إخواننا السوريين، ترى إخواننا السوريين لم يسرقوا أقواتهم، ولم يستولوا على أرزاقهم، وإنما بجهدهم واجتهادهم قدموا إلى البلدين - بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت في سورية العزيزة جراء الحرب والدمار وعدم الاستقرار- وعملوا بكل جهد في مجال المطاعم وغيرها من المجالات التي يتميز بها إخواننا السوريون، فما كان لهم إلا النجاح والتوفيق فلكل مجتهد نصيب، ومن ثم فإن الملامة ليست على إخواننا السوريين، وإنما على إخواننا المتكاسلين الذين لا يعملون ولا يتحركون، ثم يلقون باللوم على السوريين بأنهم ضيقوا عليهم معيشتهم، فهل ينبغي على السوريين أن يعملوا ويدفعوا الجزية لهؤلاء العاطلين نظير الجلوس في بلادهم؟!
ثم إنني أتعجب أشد العجب أن يحدث هذا في مصر وفي لبنان اللتين تعدان من أكثر الدول العربية في نسب الهجرة والعمل بالخارج، وهم مرحب بهم في كل الدول العربية، بل إننا وقفنا ونقف بالمرصاد لكل من يسيء إلى إخواننا المصريين أو اللبنانيين، ولعل الأحداث الأخيرة قد شهدت تكاتفا كبيرا على جميع المستويات مع السوريين من قبل مواطنين مصريين ولبنانيين على حد سواء، ضد بعض التصريحات التي تعرضوا لها، وهل إذا وافقت الحكومة المصرية على إعطاء الجنسية المصرية مقابل مبلغ من المال كما هو منظور أمام مجلس النواب المصري، ودفع الإخوة السوريون مبالغ التجنيس، فهل ستصمت ألسنتكم وشعاراتكم العنصرية؟ فاتقوا الله واعدلوا، وحكّموا ضمائركم وعقولكم وقلوبكم في إخوانكم السوريين عسى الله أن يردهم إلى أرضهم وديارهم سالمين غانمين، فهم يقدمون كل الخير إلى بلادكم وانظروا إلى التقارير الاقتصادية والمالية العالمية التي تؤكد أن الجالية السورية كانت سببا في نشاط اقتصادي ومالي في البلدان التي قدمت إليها (خاصة لبنان) لدرجة إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، واسألوا العم «بيزلي» عله يخبركم بذلك. (وللحديث بقية).