رحل العظيم قابوس، نعم إنه يعد من الرجال العظماء ليس في السلطنة فحسب بل في العالم والدول العربية على وجه العموم ودول الخليج بوجه خاص، رحل بهدوء كما هو الرجل الهادئ قليل الكلام، لكن الأفعال تشهد بأنه رجل من طراز فريد، وهو الحكيم والكريم الذي احتضن شعبنا في أفخم الأماكن وأعلاها إبان الغزو الغاشم، هو من قال: «الكويتي لا يتحاسب في السلطنة»، يا صاحب الخصال الفريدة فقدناك اليوم لكن ذكراك ستخلد على الدوم، سينقش اسمك على جبال عمان الشامخة لأنك شامخ الأفعال والإنجازات بل مبدعها وراسمها ومنفذها، لماذا لا وأنت من وضع سلطنة عمان الغالية في مصاف المؤشرات الدولية التنافسية للعام الماضي؟
إن الإنجازات الهائلة التي حققتها السلطنة في عهدك الميمون كثيرة جدا لا تصفها الأقلام والأوراق والأقوال بل يصفها الواقع الجميل الذي تعيشه السلطنة ونشهده نحن، فالسلطنة تعتبر الأولى على العالم في انعدام الإرهاب، والسادسة من حيث الأمن والأمان، أما في تسوية المنازعات فاحتلت المركز السابع عالميا، ومن حيث الطرق والقوى العاملة المستقبلية أتت في المرتبة العاشرة، واحتلت المرتبة الخامسة عشرة من حيث الاستقرار السياسي وكفاءة الأداء الحكومي، وحصلت على مؤشرات متقدمة في حفظ الحقوق الملكية والجودة المؤسسية وكفاءة الموانئ البحرية، أما السياسة الحكيمة في نزع الخلافات وإطفاء النيران وتقريب وجهات النظر ولم الشمل الخليجي فهو مؤشر لا يعلو عليه مؤشر قط، هذا كله خلال نصف قرن وأنا على يقين بين بأن النصف الآخر سيكون إضافة جميلة لأرضنا الغالية السلطنة وشعبها العزيز على قلوبنا جميعا في الوطن العربي من المحيط حتى الخليج، كيف لا والخلف خير لخير سلف، السلطان هيثم بن طارق آل سعيد هو مهندس رؤية 2040 ووزير التراث والثقافة التي دخلت بيوتنا جميعا لإدارتها من قامة سياسية ورياضية متمكنة من حيث المنطق والفعل، وهو تلميذ المرحوم بإذن الله قابوس بن سعيد، حيث كان مقربا وملازما للسلطان في مسيرته العطرة، لذا لا خوف على السلطنة فالمسيرة هي المسيرة والسياسة الخارجية هي سياسة قابوس الحكيمة والنهضة هو من رسمها فهنيئا لكم بالسلطان هيثم بن طارق يا أغلى وأعز شعب في العالم.
٭ أرجوحة الحكيم: كلمة سيد الحكمة وراعيها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد سيكتبها الشعب العماني كافة دون استثناء بماء الذهب (ما مات وأنتم موجودين) إنها كلمة محب ومخلص كيف لا وعلاقة آل سعيد مع آل صباح تفوق القرنين ونصف القرن من الزمان، لتزامن حكم العائلتين الكريمتين في قرن واحد، فواحدة في أول الجزيرة والأخرى في آخرها، رحمك الله يا قابوس بن سعيد يا خليل أميرنا ومحبه، فنحن على خطى الشيخ صباح حفظه الله، نحبك ونحن شعبك. «إنا لله وإنا إليه راجعون».