يحكى - والعهدة على الراوي - أن قبيلة من القبائل كانت تتكون من خمسة عشر سبطا من الأسباط، كانوا يعيشون حياة التنقل والترحال، وفي يوم من الأيام وأثناء عبور إحدى المناطق القاحلة، سقط من على جمل من الجمال أحد الصبية الصغار، فكان سقوطه في حفرة من الحفر الموجودة في الصحراء، توقف الركب، وحاول الجميع جاهدا إخراج الطفل الذي تدحرج من الحفرة إلى دهليز وممر بداخلها، بدا الكل مرتعبا وخائفا، وسرعان ما قرر رجلان النزول إلى الحفرة والدهليز لإخراج الطفل الذي بدا صوته مرتعدا، وما إن نزل الرجلان حتى وجدا ممرا طويلا، يشقه شعاع الشمس شقا خافتا، فلم يستطيعا ان يمنعا نفسيهما من متابعة ذاك الشعاع، الذي قادهما في نهاية الدهليز إلى منجم تمتد عروق الذهب فيه امتدادا لا مثيل له.
وتحول سقوط الطفل في هذه الأرض القاحلة من نقمة إلى نعمة، فخرج الرجلان، واصطحبا الجميع إلى منبع الخير، وأرض النعم، التي استوطنوها واستعمروها وصارت لهم بيتا وسكنا، وتحولوا من الترحال إلى المقام، وانتدبوا منهم متخصصين في بيع ما يستخرجونه من الذهب فصاروا تجارا بارعين، وما لبثوا أن قاموا بتعيين من ينوب عنهم في العمل باستخراج الذهب، وصارت لهم مكانتهم وسمعتهم في جميع بقاع المعمورة، غير أن الزمان لا يظل حاله كما كان، فيحكى أنه في الجيل التاسع أو العاشر، تغيرت النفوس بين العائلات، وثارت المطامع، وبدا كل منهم يوظف مندوبيه لسرقة أخيه، وزيادة ثروته على حساب الآخرين، وحتى لا ينكشف أمرهم، بدا كل منهم حريصا على استثمار أمواله في الخارج، لكن نظرا لأن الخير كثير، وأن بذرة السرقة والفساد كانت لا تزال صغيرة فلم يتبد الأمر لأبناء القبيلة.
ومع تعاقب الأجيال كبرت بذرة الفساد وترعرعت وصارت نبتة شيطانية كبيرة تهدد بسقوط المنجم وزواله، وبدأت أخبار السارقين يتناقلها العامة، فهذا خانه مندوبه وهرب بالمال، وهذا سقط وكيله في قضايا الفساد وقبيح الأعمال، وهذا شارك المحتال، وذاك شارك النصاب فخانه في الحال، إلى أن استيقظ الجميع في يوم من الأيام على جلبة وضجة هزت أنحاء المكان، ولا يدري أحد ما الذي حدث في ذلك اليوم، وما السبب في ذلك، لكن الجميع علم بالعواقب والنتائج، فلم يعد المنجم موجودا، وكأن الأرض ضنت بخيرها وتبرها، وعادت لجفافها وقفرها، وكأنها تنتقم لذاتها، وترد على من سرقها واستباح كنوزها.
وها هو المؤرخ الجنوبي ابن السروي، يحكي عن أحفاد العائلات، وقد وقفوا يندبون حظهم، ويلعنون أجدادهم، الذين خانوا عهدهم، وتحولوا من حراس للذهب، إلى سارقين تنازعوا حول ما سرقوه فيما بينهم، فضاع ملكهم وتشتت شملهم، وغاب في النسيان ذكرهم، فهل من معتبر من مصيرهم؟!
احتفل العالم، واحتفلنا الأسبوع الماضي بتتويج سيدي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (رده الله لنا سالما متعافيا) قائدا للإنسانية وكويتنا الحبيبة مركزا عالميا للإغاثة الإنسانية، الله يديم الرفعة دوم لقائدنا ولكويتنا ولكم جميعا.