في القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ مؤخرا تم اقتراح تشكيل قوة عربية مشتركة تكون مهمتها الأساسية مكافحة الإرهاب وصيانة الأمن القومي العربي من الخليج إلى المحيط، على أن يكون الانضمام إليها اختياريا، كما تم إسناد وضع آليات عمل هذه القوة المزمعة لرؤساء الأركان ليتباحثوها لاحقا.
اقتراح القوة العربية المشتركة «الفاعلة» حيوي ولاسيما في هذه المرحلة الحساسة عربيا ودوليا، ولطالما كان حلم الجماهير العربية في أن تكون للعرب كلمتهم المسموعة فضلا عن التخلص من التبعية لحماية القوى الكبرى وما يتبع ذلك من استقلالية القرار العربي وانفلاته من قيود الضغوط المختلفة.
الاقتراح جميل ويدغدغ الأحاسيس العربية الضعيفة والمرهفة لكنه يواجه عراقيل كثيرة وعقبات ربما لن يتجاوزها إذا ما علمنا أن الجامعة العربية فشلت في تنفيذ اتفاقات هي أقل وزنا بكثير من اقتراح معقد وحاد كالقوة العربية المشتركة، كما أن الاختلافات البينية الكثيرة وتعدد التحالفات مع القوى الكبرى يجعل من شبه المستحيل الاتفاق عليه، فحتى التهديدات الداخلية والخارجية ليست محل اتفاق، فما يشكل تهديدا لعضو ليس بالضرورة كذلك لآخر، بل لا مبالغة البتة القول إن ثمة دولا عربية تتآمر على أمن «شقيقاتها» سرا وعلانية وتوالي قوى ترى في الجنس العربي مزيجا من الهمجية والرجعية ولا ترقى لأن يكون أمة ذات شأن بين الأمم.
لإدراك صعوبة الاتفاق على تشكيل قوى مشتركة سواء أكانت عربية أم غيرها فمن المستحسن النظر في فاعلية القوى الأخرى، فعلى سبيل المثال دولة اليونان عضو في حلف الناتو لكنها في ذات الوقت تحتفظ بعلاقات متينة مع روسيا والتي تشكل تهديدا لكثير من دول الحلف، وبالتأكيد لن تشارك اليونان في أي إجراء يتخذه حلف الناتو ترى فيه إضعافا لعلاقاتها مع روسيا فضلا عن مشاركتها في صدام عسكري ضدها مستقبلا.
من الممكن نجاح الاقتراح في تصديه لخطر الجماعات الإرهابية، إذ تشكل تهديدا متفقا عليه من قبل الجميع، على أن يسلم من الاختلافات التي تكمن في التفاصيل وشهية بعض الدول العربية لإفشال الاقتراحات لا لشيء إلا لإرادة الانتقام من أخرى ولو على حساب المصالح الأمنية المشتركة.
mohd_alzuabi@