هذا أنا..
طفل يعد أحلامه كي ينام، ويسرق من فم الصباح قبلة شوق لصباح كان بالأمس، علها تسعفه في قادم الأيام..
هنا يا عزيزي...
يباع الشوق في سلال من الحنين مقابل حفنة من السنين، من يدفع أكثر يحن أكثر وبالمقابل يتعذب أكثر...
أحيانا يكون الشعور قاتلا، والمشاعر جريمة، ومن أكثر الجرائم بحق نفسك أن تكون شاعرا..
أن تكون شاعرا يعني أن ترى كل شيء بعين قلبك..
أن تقاسم الناس أفراحها وأحزانها دون أن يعيرك أي منهم انتباهاً، دون أن يربت أحدهم على كتفك ويسألك... (أنت منيح)..؟
في مكان يبعد ما يقارب الألف وثمانمائة كيلومتر عن روحك، يجاهر عقلك في الصراخ، وينفض تفكيرك الغبار عن ذكريات تتراكم كلما لامست حدود الشوق..
في هذا المكان رائحة الصباح والظهر والمساء نفس الرائحة، لا جديد يذكر إلا أنت وروتينك..
هناك حيث روحي للصباح طعم ورائحة ولون، حتى المساء له طعم مختلف، ولون الليل ليس أسود، حيث روحي يمتزج القمر بالليل ملونا الكون بالفضي.. مائلا للبياض..
حيث روحي يداعب الغيم الجبال الشاهقة فتسجد الشمس للأجواء...
حيث روحي يتثاءب النهر وينفجر ينبوع من حيث لا تدري ويسبح طفل في بركة ماء معلناً قدوم الصيف..
حيث روحي تتعاقب الفصول فصلا فصلا كلٌ بدوره وكلٌ في وقته، وحين يتطاول فصل على آخر يتدخل الرعد للفصل بينهما..
هناك..
ما زلت طفلا أقطف ثمار التوت من حديقة بيتنا، وأسرق الفول من حقول الجيران، وآكل الخيار من البيوت البلاستيكية دون غسله حتى، وأنبش التراب بحثا عن النمل محاولا إغراقه، وأسأل نفسي كل يوم لماذا ماتت الدجاجة ولم تطِر عن سطح بيتنا عندما حاول أخي تعليمها الطيران..؟