أسافر كل يوم آلاف الكيلو مترات متجاوزا الحد الطبيعي لطاقة البشر على التحمل...
لا راكبا سيارتي ولا حاملا حقائبي ولا حتى دفاتري أو أقلامي...
أسافر حتى دون هوية ودون جواز سفر...
أحمل في جيبي ورقة مختومة بقبلة وهمسة وبعض من عطرك...
وأبحث في هذه الدنيا علي أجد شيئا يدلني منك إليك..
وفي ذهول من كل شيء اشتاق لنفسي القديمة التي لا تحمل هما ولا تبالي أمرا...
أطرق أبواب الغرباء، واسأل كل بيوت الحب والحانات والمراقص والفنادق وضفاف الأنهار..
حتى الفنادق والنزلاء...
أين يسكن الغياب..؟
وأين أجد الحنين..؟
ينبهني عقلي المجنون بأن شرطة العشاق تبحث عني، وان قاضي الهوا اصدر بحقي حكما غير قابل للنقض بالغياب ولا ادري اين وكيف ولماذا..!!
فأهرب وأهرب وأهرب.. لكن إلى أين..؟
اختبئ خلف أبواب النسيان، وارفض المثول أمام القضاء..
وارفع ورقة تظلم إلى الحاكم بأمر الحالمين فأقول:
أنا القتيل يا سيدي..
«أنا القتيل وأقسم بكل كتب الشوق المقدسة..»
أأقتل نفسي ثم أندم، أم أني بلا ضمير..؟
وأعود للهروب من كل الناس وكل الوجوه..
أرسم في مخيلتي مخططا للسجن.. واخترع خططا للهروب..
وألبس السعادة خيالات في فينيسيا وأسافر مرة أخرى إلى صقلية..
فأنا مافيا الحب السفاح..
لكن الحقيقة واحدة..!!
أنا مطارد منك ومن حراسك، فأين المفر..؟
أركب طيارة روحي وأغادر المدينة...
استيقظ في الصباح لأجد نفسي نائما على زجاج النافذة، أراقب أطفال المدارس يصطفون للدخول الى الصف...
فأردد نشيدك الوطني وأقسم على الطاعة ثم أرفع يدي الى السماء معلنا استسلامي اليوم..
منتظرا أن يحل الظلام لأسافر خارج حدود الوجود مرة أخرى وأطارد مرة أخرى..
أصبحت أدمن الهروب...