الشكوى لغير الله مذلة! كما يقول الأوفياء المخلصون من الأغلبية الصامتة! من العمالة المهنية الفنية، والعمالة المتميزة بإنتاجيتها، والتزامها لكل ما يعنيه ضبط وربط مواقعها الإنشائية، والزراعية والمعمارية، وخدمة المنازل والأسر كالسواق والطباخين والمزارعين وأمثالهم من فنيي الكهرباء عامة والمجالات الصحية والتبريد والمطاعم والحلاقين والعمالة الفنية بكل تخصصاتها وغيرهم، كيف تمنع الجهات المعنية تجديد إقاماتهم عند وصولهم إلى سن الستين رغم الحاجة إليهم، ورغم أن استبدالهم بعمالة أخرى قد تكون نقطة سلبية إذا كانت العمالة الجديدة لا تدرك من مهارات الأعمال سوى مسماها.
كما أن ذلك الإجراء يعد إجراما بحق هذه العمالة التي لم تقترف ذنبا سوى أنها بلغت الستين من سنوات أعمارها، فيتم طردها بلا توديع يليق بها، ودون النظر لما قد تتعرض له بلادهم العربية وغيرها من حروب أو كوارث تضعهم وأهلهم في أوضاع إنسانية مؤلمة!
هذه العمالة النظيفة طالها ما طال مواطني هذا الوطن الغالي مما أسموه بديوان خدماتهم «تقاعد قسري مغري شكلا، ومؤذي واقعا»، تضررت منه البلاد والعباد لكل تخصصاتهم مدنية وعسكرية بغفلة واقعية، تضاعفت أضرارها بعد سوء الأحوال لكل ذلك الإهمال، ولا تزال آثار هذا التقاعد القسري واضحة بالمهن البسيطة من المعاناة مع عدم القدرة على التحصيل المطلوب إضافة إلى الفراغ غير المحسوب وغير المستغل ولو حتى في تعليم الأجيال وعلاج نسائنا والرجال والأطفال من الأجيال.
سن الستين هو قناع المخططين لهذا الحال بحجة دماء جديدة نعتز بها ونقدرها كونها وطنية تتدرج في استلام وتسليم مواقعها، لو قدر لها ذلك، وهو يصلح في دول أخرى كالهند مثلا أو السند أو الصين الأكثر كثافة للسكان، بينما نحن لم يبلغ تعدادنا مليونا، في حين أن أعدادهم بالملايين البشرية!
وللإحاطة لأصحاب القرار في ذلك، فإنه في الاتحاد السوفييتي وأمثاله خلال القرن الماضي كانت أعمار قياداته العليا لا تقل عن الثمانين، فأنجزوا حتى وصفت بلادهم بالدول العظمى وتمكنت من التحكم بمصير العالم عسكريا ومدنيا، أما نحن فلم نبلغ مستواهم مع الالتزام بالتقاعد عند سن الستين كجيل ثالث ناشئ لتولي مسؤولياته!
هل لهذا الوضع انتباه من سلطاتنا التشريعية والتنفيذية لوقف هدر ثرواتنا البشرية طالت أعماركم؟! ارحموهم يرحمكم الله! رفقا بالبلاد والعباد.