فنان ذلك الزمان «حمد خليفة علي الصقر - رحمه الله» عملاق الصوت الناصع لسواحل الخليج العربي والجزيرة العربية، وتعداها للمستمع الأعجمي للقارات المحيطة بنا في أفريقيا وأعماق آسيا، ورددها معه كثيرون بلسان أعجمي «اغنم زمانك، أمانك يا عزيز اغنم»، ذلك القرن السابق لم تكن وسائل الاتصالات وثورتها الحالية مولودة! ولم تكن الأجهزة وأدواتها وتنوعاتها الإعلامية مشدودة كما هو حالنا اليوم لأنواع وتداخلات ونغمات الأصوات والآلات الصاخبة تخترق الساحات الفضائية، كما هي الآن (وصفها فنان الزمن الجميل بأرض الكنانة الراحل محمد رشدي كأغاني بلا طعم ولا رائحة ولا لون؟ ليسمعها البعض وتتوه طربا ومطرب مغمور! كأنها لكل مستمع مطرب بلا رجعة كما هو الحال الفني الغنائي الصاخب الاشبه بالوجبات السريعة الحاليه! تنفخ وتزول!»، لكن في زمان بوخليفة، رحمه الله، وغفر له وأمثاله، ولمن قبله وأمثاله من بعده الوضع مختلف تماما للسامع والمسموع طربا وفنا أصيلا صوتا وصورة، أبدع فنانوها عطاء وأداء يترنم بها معجبوها وفاء بوفاء لها وبها، كما يرددها نجله المبدع للأجيال الحالية (صلاح حمد خليفة) باقتدار وهيبة فنية، ومن على خطه من الجيل الرزين خليجيا ولأهل الديرة، وتطويرها للأفضل جيلا بعد جيل باقتدار يحفظ للماضي هيبته صوتا وأداء، وبقناعته بتصريحاته قبل سنوات لفترة اعتزاله ساحة الطرب المعروف وبهدوء بلا بهرجة ليتفرغ للعبادة وطاعة خالقه، منذ أواخر القرن الميلادي الماضي، واطراف القرن الحالي يردد لأحبابه وزواره قناعته بأن طاعة الخالق واجبة من قبل المخلوق ليشكره على ما قدره له بابتلاء رباني للطاعة والضراعة لما تبقى من حياة فانية، رصيدها الدايم تلك الطاعة بكل قناعة وخضوع للخالق العظيم، كما وصفها لنا بزياراته لمنزله المتواضع بالدعية ومرافقته لمسجده المجاور لبيته قبل سنوات، بخطواته لبيوت الله هادئا مطمئنا للعبادة ومقاوما حالته الصحية، رحمه الله، بحكم السن وتقدم سنواته، ومن حوله أولاده ومعارفه المخلصون برفقته دنيا ودين، ذلك هو المغفور له باذن الله العم «بوخليفة» كما اشبع الساحة صخبا فنيا متخصصا واغتنم فتراتها، اعتزلها راضيا مرضيا باذن الله مغتنما طاعة خالقه ليودعها كما استقبلها بذات الهدوء الرباني بعد الحياة الفانية، «يا سامعي الصوت الأوفياء لا تنسوه ما حييتم وأمثاله من دعواتكم لمغفرة خالقهم وشفاعة نبيهم لهم وكافة الصادقين، آمين يارب العالمين، عظم الله أجركم بفقيدكم وكافة أهل الديرة».