المتأمل لمواقف الصين وروسيا من الثورات العربية يلمس بوضوح أن هاتين الدولتين تقفان باستمرار مع الحكام المستبدين ومعروف موقفهما المعارض من ثورتي ليبيا وسورية مع أن العالم كله كان يعرف حجم الجرائم التي ارتكبها القذافي وكذلك الجرائم التي يرتكبها بشار الأسد حاليا في حق الشعب السوري.
ولست أجد الا تفسيرا واحدا لموقف الصين وروسيا إلى جانب الحكام المستبدين وهو أن حكام هاتين الدولتين توارثوا الفكر الاستبدادي ومازالوا يمارسونه مثلما يفعل من يقفون إلى جانبهم ويدافعون عن مواقفهم في المحافل الدولية.
فالصين قتلت آلاف المسلمين التركمان الذين تظاهروا للمطالبة بحقوقهم المشروعة وكانت قبل ذلك قد قتلت أكثر من مليون من المسلمين عندما احتلت تركمانستان وهجرت الصينيين إلى أرض التركمان وكذلك فعلت روسيا مع المسلمين الشيشان وقبل ذلك استبد الشيوعيون بالمسلمين بعد نجاح ثورتهم الماركسية فقتلوا ملايين المسلمين وهجروا مثلهم إلى سيبيريا وكان القتل جزاء لكل من يعارض سياستهم.
وقد استغل النظام السوري مواقف روسيا والصين ليستمر في قتل آلاف السوريين بينما هو يدعي أنه يقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية بينما أصرت روسيا والصين على عدم إدانة تلك الجرائم ولعشرة أشهر وعندما شعر الروس أن مواقفهم أصبحت مستهجنة سارعوا إلى تقديم مبادرة ساوت بين الجاني والضحية ودعت إلى حوار يعرفون هم أنه سيفشل لأن النظام السوري لا يعترف بالمعارضة الحقيقية كما أنه رفض المبادرة العربية وكان يماطل كثيرا ليحصل على فرص تمكنه من قتل المزيد من أبناء الشعب السوري.
روسيا والصين تخطئان في قراءة حقيقة الموقف السوري بنفس القدر الذي حصل لها مع الموقف الليبي لأنهما يراهنان على نظم استبدادية منذ وجودها وحتى الآن ولا يمكن لمثل هذه النظم أن تعطي شعوبها الحرية والكرامة التي تنشدها لأنها لو فعلت ذلك لما بقيت ساعة واحدة.
ليس من مصلحة روسيا والصين أن تخسرا الشعوب العربية فهذه الشعوب لن تنسى من وقف ضدها وساعدا على قتلها ولن يكون بإمكانها مستقبلا أن تتعاون مع الدول التي خذلتها ولو عرفت تلك الدولتان مصالحهم الحقيقية لوقفتا مع الشعوب التي تطالب بحريتها وابتعدت عن الاستبداد والمستبدين!
أكاديمي سعودي
[email protected]