أفرزت انتخابات الربيع العربي فوز الإسلاميين في تونس ومصر وربما يحصل الشيء نفسه ـ أو قريبا منه ـ في ليبيا واليمن، واللافت للنظر أن مجموعة من الكتاب ورجال الصحافة والمثقفين تناسوا كل ما يمكن أن يقدمه الحكم الجديد لبلادهم واتخذوا من السياحة بكل أنواعها هما وحيدا افترضوا أنه سيصيب السياحة بكوارث كبرى في حال تسلم الإسلاميين للحكم!
ومع أن حزب النهضة أعلن صراحة أنه لن يمس السياحة ولا السائحات، وأنه سيترك لكل أحد حرية أن يفعل ما يريد، ومع أن هذا القول أكده الرئيس الجديد (المرزوقي) إلا أن البعض مازال يتباكى على (العري) الذي لن يسمح به الحكام الجدد المتشددون!
والشيء نفسه تكرر في مصر لاسيما في ظل بعض التصريحات التي نسبت لبعض السلفيين والرافضة لبعض أنواع السياحة.
ومع أن كل الذي يقال عن موقف الإسلاميين من السياحة لايزال افتراضيا لأنهم لم يحكموا حتى الآن (مصر) ومازالوا في البداية (تونس) إلا أن تضخيم هذا الموضوع اللافت للنظر في ظل سكوت الكثيرين منهم عن قضايا أكثر أهمية كانت تحدث في الحكام السابقين وبعضها في ظل الحكم العسكري الحالي في مصر!
في تونس لم يكن يسمح للمرأة بالنقاب، وكانت السلطات آنذاك تحارب المرأة المنقبة بكل الوسائل، ولم نسمع من المنادين بالحريات العامة والمتباكين على مستقبل (عري) المرأة انتقادا لما كانت تفعله السلطات من ممارسات عدائية لا تتفق مع أبسط حقوق الإنسان، بل إن بعضهم كان يتماهى مع هذه القوانين ويقف مع الدولة في قوانينها الظالمة.
وكانت سلطات تونس تضيق الخناق على المصلين في المساجد، وقد تستدعي بعضهم للتحقيق إذا ثبت أنه يداوم على الصلاة خاصة صلاة الفجر، وأيضا لم نسمع الذين يتحدثون الآن عن موقف الحكام الجدد من حقوق النصارى واليهود إدانة للطريقة التي كان يعامل بها بعض المسلمين مع أن الدولة إسلامية ومعظم سكانها مسلمون!
العلمانيون حكموا عقودا في تونس، وفي مصر وغيرهما والواضح أنهم لم يقدموا لشعوبهم ما كانوا يتطلعون إليه، ولهذا عندما حقق الشعب حريته وأصبح حرا في انتخاب من يمثله رفض من أساء إليه واختار من يرى أنهم سيحققون أمانيه... هذا الاختيار أغضب العلمانيين فلم يجدوا طريقا إلا تصيد أخطاء الإسلاميين ـ الافتراضية ـ وتضخيمها، وكان الأجدر أن يقدموا حلولا عملية لمشاكل أوطانهم، وأن يضحوا من أجل أوطانهم كما ضحى الإسلاميون من قبل، عندما كان أولئك مع حكوماتهم على باطلها ولو فعل العلمانيون وأمثالهم ذلك لتغيرت صورتهم عند شعوبهم!
الصهاينة قتلوا أعدادا من الجنود المصريين داخل الأراضي المصرية وسكت معظم هؤلاء، ضربت غزة وقتل المئات وسكت معظم هؤلاء، المرشح الجمهوري الأميركي جرم كل الفلسطينيين تقربا للصهاينة وسكت معظم هؤلاء، أليس من اللافت للنظر؟! ألا يثير معظم هؤلاء إلا سياحة المرأة على الشواطئ؟! وأخيرا، هل أدرك أولئك لماذا فاز الإسلاميون؟!
[email protected]