لست أدري كيف اختارت الجامعة العربية الفريق مصطفى الدالي ليكون رئيسا لبعثتها في سورية؟ وبغض النظر عما قيل عنه من انتهاكات لحقوق الإنسان في السودان فإن بعض ما قاله عن أحداث سورية كاف لعزله بل والتحقيق معه، لأن ما قاله يندى له الجبين!
الدالي وفريقه كانوا يرون القتلى يتساقطون أمام أعينهم، وكانوا يسمعون أصوات الرصاص ينطلق إلى صدور المتظاهرين ومع هذا كله كانوا يقابلون كل ذلك ببرود شديد أجزم أنه أثار أعصاب المتظاهرين في كل مكان فكيف سيكون حال السوريين وهم يرون هذه المواقف المخجلة ممن جاء لينقذهم من الموت الذي يحيط بهم من كل جانب.
السيد مصطفى الدالي أكد أن الوضع في حمص يبعث على الاطمئنان، وأنه لم يشاهد ما يثير الخوف كما لم يشاهد القناصة يقتلون المتظاهرين ومع هذا الكلام المقزز الذي يثير الخوف ولا يبعث على الاطمئنان كان الرجل يخاطب الذين يستنجدون به من الثكالى ببرود شديد لا يتفق إطلاقا مع مهام وظيفته ولا مع الوضع الإنساني المؤلم الذي يعيشه السوريون وكان الأجدر به أن يراعي ظروفهم ولو من الناحية الشكلية لكنه فيما يبدو كان بعيدا كل البعد عن أبسط واجباته الوظيفية.
لكن هل المسؤولية تقع على الدالي وحده؟ طبعا لا.. فالجامعة العربية وأمينها العام هم من اختاره وكان من واجبهم الإسراع في عزله وتعيين بديل عنه إلا إذا كانوا سعيدين بما يفعله!
الجميع يعرف أن من أهم بنود الاتفاقية التي وقعتها سورية التوقف فورا عن قتل المتظاهرين، وكذلك السماح لكل وسائل الإعلام بالدخول إلى سورية، وإطلاق كل السجناء، وهذا لم تطبقه سورية على الإطلاق ومع هذا أرسلت الجامعة وفدها وهذا خروج عن البروتوكول الذي وقعته مع الحكومة السورية، والكل يستغرب هذا التصرف الذي يؤكد أن الجامعة تعمل يدا بيد مع الحكومة السورية!
القتل لم يتوقف على الإطلاق، والوفد لا يتحرك إلا بالتنسيق مع الحكومة السورية بل وبحراسة بعض ضباطها، وبطبيعة الحال فهؤلاء الحراس يمنعون ويراقبون كل من يقترب من المراقبين وقد يتعرض هؤلاء ـ ان اقتربوا ـ للقتل أو السجن، فكيف يقبل الأمين العام للجامعة هذا التصرف المريب من وفده؟
الحكومة السورية أعربت مرارا عن سعادتها بالطريقة التي يعمل بها الوفد العربي، ومثلها حكومة الصين وروسيا، وهذه السعادة لم تصل إلى قلوب السوريين مع أنهم هم المستهدفون بهذه السعادة!
من المؤسف أن تستمر الجامعة العربية على هذا المنوال، إن أهم شيء أن تعمل على إيقاف القتل اليومي للمتظاهرين، وأن تتيح لهم حرية التظاهر وإن لم تكن قادرة على ذلك فلتترك هذه المسألة لغيرها، أما الصمت فهو مشاركة فعلية في الإجرام الذي تمارسه سورية وعار على جامعة العرب أن تفعل ذلك!
[email protected]