التقيت د.عبدالرحمن السميط ـ شفاه الله ـ أكثر من مرة، كما سمعته يتحدث عن جهوده في نشر الإسلام في أفريقيا مرارا، وأيضا سمعت من يتحدث عن جهوده الهائلة، وصبره النادر على نشر الإسلام في مجاهل أفريقيا وتحمل الصعاب والمخاطر مرارا وتكرارا، بل إنه تعرض للموت، وهُدد به لكي يتوقف عن ذلك العمل لكنه آثر ما عند الله ـ عز وجل ـ واستمر يقوم بواجبه إلى أن أقعده المرض ودخل في غيبوبة ولا زال يعاني منها نسأل الله له الشفاء والأجر.
دعاة الإسلام في عالمنا كثيرون، وتاريخنا يتحدث عن أعداد منهم في مختلف الأزمنة والأمكنة، لكن عبدالرحمن السميط شخصية عز نظيرها وقل من عمل مثله وصبر مثل ما صبر.
عبدالرحمن مارس العمل الدعوي في مقتبل شبابه في بلده الكويت ثم في العراق حيث ذهب إليهالإكمال دراسته في كلية الطب، إذ كان يقوم ببعض الأعمال الدعوية المتناسبة مع سنه آنذاك وقدراته المادية.
واستمر الدكتور في هذا العمل بعد تخرجه من الجامعة، وجعل من القارة الأفريقية هدفا لكل أعماله، فقد كانت هذه القارة هدفا للمنصّرين من كل أنحاء العالم بسبب فقر أبنائها، وانتشار الجهل بينهم فكانت عمليات التنصير تؤتي أكلها بسبب استغلال حاجات المواطنين حيث يغرونهم بالتنصر مقابل قضاء احتياجاتهم الصحية وتقديم الطعام لهم.
ولذلك وجه السميط كل جهوده في هذه القارة فقضى فيها 29 عاما يدعو لدين الله وينتقل بين مدنها وقراها ويعيش في غاباتها تحيط به الأمراض والأوبئة والوحوش وسائر أنواع المخاطر، ومع هذا كله فقد كانت همته عالية فمضى في طريقه رغم الصعاب، ثم رغم الحصار على الدعوة الإسلامية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
كانت روحه عالية، فكان يقول: أشعر أن حياتي أصبح لها هدف بعد كل ما عملته، ويقول: كلما حققت هدفا سعيت إلى تحقيق آخر.
الجلطة التي أصيب بها الدكتور ـ حاليا ـ لم تكن الأولى في حياته، فقد سبق أن أصيب مرتين بجلطة في القلب، كما أصيب بعدة أمراض أخرى، لكن كل تلك الأمراض لم تحد من طموحه لأن هدفه كان مع الله ومن أجل دين الله.
أدت جهود الدكتور السميط إلى إسلام أحد عشر مليون شخص تقريبا، ولنا أن نتخيل لو كان بين المسلمين عدد من أمثاله، فكيف سيصبح حالهم؟ أمة الإسلام بحاجة إلى من يضحي من أجلها خاصة في هذه الأيام التي كثر فيها الكيد للمسلمين في كل مكان حتى في أوطانهم، هذه الأمة تتطلع إلى أمثال عبدالرحمن ـ شفاه الله ـ ذلك الرجل الذي سئل: متى ستتوقف عن الدعوة؟ قال: يوم أن تضمن لي الجنة!
مثل عبدالرحمن لا ينتظر التكريم من المخلوقين لأن نظرته أسمى من ذلك بكثير، لكن من حقه على بلاده وأمته أن تفعل كل شيء من أجله.. لقد كرمته المملكة العربية السعودية فحصل على أرفع جائزة فيها، جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وقد تبرع بقيمة الجائزة لوقف تعليمي في أفريقيا. هذه أخلاقه، وذاك كرمه وفضله، ولو شئت لذكرت الكثير الكثير، لكنه باختصار: أمه في رجل، ومن حقه علينا أن ندعو له بالشفاء.
شفاك الله يا عبدالرحمن وأسعدك في الدارين وهنيئا للكويت وللمسلمين بمثلك!