كانت حكمة خادم الحرمين الشريفين والمسؤولين في مصر سببا في سرعة إنهاء الأزمة التي حصلت بين السعودية ومصر، وكادت تؤدي إلى قطيعة بين البلدين، ولكن انتهاءها لا يعني بالضرورة أنه لن تحدث أزمة أخرى مستقبلا، ما دامت مصالح البعض في إحداث مثل هذه الأزمة بين البلدين اللذين تربطهما علاقات قوية والأمل أن يقظة الشعبين والمسؤولين في البلدين يحول دون حدوث أي خلاف جديد.
دعوني أوضح الأمور التي حدثت في سياقها الطبيعي محاولا الوصول إلى الأهداف التي أرادها صانعو الفتنة، التي لم يكتب لها النجاح.
السيد «الجيزاوي» جاء إلى مكة معتمرا ـ هكذا يقول ـ وهو ـ كما يقول أيضا ـ له موقف سلبي من الدولة الذاهب إليها وشخصيا لم أسمع بهذا الموقف لأن صاحبه نكرة، وربما كان يبحث عن شهرة فشل في تحقيقها، هذه الظروف التي يدعيها تفرض عليه إما ألا يأتي إلى السعودية مطلقا وإما أن يحتاط لنفسه كثيرا لكي لا يصاب بأي مكروه، لكنه لم يفعل هذا ولا ذاك، الجيزاوي القادم للعمرة وصل مطار جدة غير محرم ثم حمل معه كمية كبيرة من المخدرات التي يستحيل أن يمررها من خلال الجمارك السعودية، وكأنه يريد القول: اقبضوا علي بالجرم المشهود وعندما تم القبض عليه اعترف بما فعل أمام سلطات بلاده، ولا أعتقد أن المشككين في السلطات السعودية يستطيعون التشكيك في السلطات المصرية التي من أولوياتها الدفاع عن مواطنيها.
وهنا يبرز هذا السؤال: لماذا أدخل هذا المحامي، وهو يدرك عواقب ما فعل، هذه الكمية من المخدرات؟ هل كان يبحث عن مكاسب مادية أم عن أشياء أبعد من ذلك بكثير؟
الشيء الآخر المثير للاستغراب هو: كيف استطاع الجيزاوي العبور بهذه الكمية من المخدرات من خلال أجهزة الجمارك المصرية؟ المؤكد أنه وجد من يقف معه لتحقيق الأهداف التي تريدها مجموعة مصرية وأخرى دولية وإلا لاستحال عليه تمريرها نظرا للإجراءات الدقيقة التي تتعامل معها الجمارك المصرية!
بعض الإعلام العفن نفخ هذه القضية لكي تنفجر في نهاية المطاف عن قطيعة تامة بين مصر والسعودية، كذبوا كثيرا، لفقوا تهما باطلة، لكنهم أثبتوا أنهم أغبياء لأنهم لم يجيدوا الكذب ولم يخرجوه بصورة يمكن قبولها.
والسؤال: من المستفيد من هذه القطيعة لو تحققت خاصة في هذه الظروف؟ بعض المتظاهرين طالبوا بقطع العلاقات مع السعودية والاتجاه إلى إيران لأنها الدولة الإسلامية الحقة!
النظام السوري كان سعيدا بما حدث ولم يقصر إعلامه الغبي في استغلال هذه الفرصة، فهي تدرك أن أي قطيعة بين مصر والسعودية سيكون في صالحه، خاصة في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها.
إذن: في مصر أناس يحاولون بعث النظام القديم وإثارة أزمات كبيرة يدعون في نهاية المطاف أنهم القادرون على حلها وحدهم، وأن على الشعب المصري إعادتهم للسلطة إن أرادوا الأمن والاستقرار!
وسورية وإيران مستفيدتان من هذه القطيعة لو حصلت لتخفيف الضغط عن سورية وأفعالها الرهيبة.
لست ضد التقارب بين إيران ومصر، بل أنا معه، ومع التقارب بين إيران وكل الدول العربية وقد كتبت عن هذا كثيرا، لكن بحسب قوانين العدالة الحقة، ولكنني لست مع المؤامرات التي تحاك للإفساد بين دولة وأخرى لتحقيق أهداف سيئة.
عقلاء مصر ـ وهم الغالبية العظمى ـ أفسدوا هذه المحاولة، وعلاقات الحب والمودة بين الشعبين ـ المصري والسعودي ـ ستزيد علاقات البلدين قوة ومتانة.
[email protected]