Note: English translation is not 100% accurate
أقوى من النسيان
الجمعة
2006/9/1
المصدر : الانباء
عدد المشاهدات 1442
بقلم : محمد بسام الحسيني
عاماً بعد عام ومع استمرار الغموض حول مصير الإمام موسى الصدر تكتسب ذكرى اختفائه أهمية متعاظمة في لبنان يعكسها الحشد الشعبي الهائل في هذه المناسبة كما حصل في مدينة صور الجنوبية أمس.
واللافت في ذكرى الاختفاء هذه هو ما تحمله من معان لجميع اللبنانيين المسيحيين قبل المسلمين، فالصدر هو إمام الحوار الوطني والوحدة اللبنانية ونصير المحرومين.
وكان الصدر مع المطران جورج خضر والأب يواكيم مبارك والشيخ صبحي الصالح وحسن صعب والأب فرنسوا دوبره لاتور ويوسف أبو حلقة ونصري سلهب أول من وقعوا بيان الثاني من يوليو عام 1965 والذي حدد الثوابت المشتركة في المسيحية والإسلام والتي ترتكز على الإيمان المشترك بالله الواحد والرسالة المشتركة للديانتين العالميتين في صون كرامة الإنسان وحقه بالحياة.
قد يعتبر الكثيرون ان الإصرار على إحياء هذه الذكرى طقس من الطقوس السياسية التقليدية لكن الأمر في لبنان أبعد وأعمق من ذلك، فالإمام الصدر وطروحاته سبيل بل خارطة طريق لخلاص لبنان ونهوضه وصموده والحفاظ على وحدته الوطنية وتثبيت هويته والانسجام مع محيطه، مع الحفاظ على خصوصيته وتمايز رسالته وتركيبته الفريدة واحترام جميع مكوناتها.
وفي هذه الأيام التي يخرج فيها لبنان منتصراً بوجه المؤامرة والعدوان الإسرائيليين عليه بفضل مقاومته الباسلة ضد إسرائيل لابد من التذكير بأن الإمام الصدر هو «أبو المقاومة اللبنانية» ومؤسسها من خلال اطلاقه «أفواج المقاومة اللبنانية» (أمل) عام 1975.
وهو الداعي لأن يكون اللبنانيون هم من يدافعون عن أرضهم محذرا الفلسطينيين من استغلال قضيتهم للقضاء على المسيحيين في لبنان الذي حولوه إلى «عرش» لهم.
منذ بداية الحرب وحتى اختفائه عام 1978 كانت رسالة الصدر واضحة:
لا يجوز للبناني أن يهدر دم أخيه وأن يحمل سلاحه بوجهه، كما لا يقبل اللبنانيون بالتوطين وباستغلال الجنوب اللبناني من قبل الفلسطينيين بما يؤدي الى اجتياحه ويبرر احتلاله.
ولنقل هذه الصورة قام بجولة عربية شملت سورية والأردن والسعودية والجزائر بهدف الدعوة لمؤتمر عربي لإنقاذ لبنان وجنوبه وتطبيق القرار 425 الذي يقضي بانسحاب إسرائيل من الجنوب.
وفي يوليو تلقى دعوة لزيارة ليبيا التي توجه اليها في 25/8/1978 يرافقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين وأقام في فندق «الشاطئ» بطرابلس على أن يغادرها في 1/9/1978 .
ومنذ وصوله الى العاصمة الليبية انقطعت اتصالاته بلبنان بعكس العادة في أسفاره، كما ان الصحافي بدرالدين الذي رافقه بصفته ممثلاً لوكالة «أخبار اليوم» لم يرسل أي أخبار عن الزيارة رغم ان ذلك كان الهدف من مرافقته للصدر.
والغريب ان وسائل الإعلام الليبية أغفلت أي اشارة للزيارة رغم ان رئيس مكتب الاتصال الخارجي لمؤتمر الشعب العام حسن الشحاتي كان في استقبال الإمام الصدر لدى وصوله الى طرابلس.
وبحسب الشهود فإن آخر ظهور للصدر في ليبيا كان في 31/8/1978 حيث كان من المقرر أن يلتقي القذافي ولكن بحسب الرواية الليبية توجه الصدر الى المطار وغادر الى ايطاليا مساء ذلك اليوم وهو ما نفته ايطاليا لاحقاً بعد تحقيق رسمي أبلغت لبنان بنتيجته.
وشمل التحقيق طاقم الطائرة والمسافرين وعمال فندق «هوليداي ان روما» الذي عثر فيه على حقائب الصدر والشيخ يعقوب لاحقاً وتبين ان شخصين انتحلا صفة الصدر ويعقوب حجزا غرفتين بالفندق وتركا الحقائب فيهما ثم غادرا بعد 10 دقائق ولم يعودا، وقد أكد مدير الفندق ان الشخصين لا يشبهان نهائيا الإمام الصدر ويعقوب.
كل المعطيات والتحقيقات تؤكد ان اختفاء الإمام الصدر كان سياسيا ونتيجة لتقاطع المصالح الليبية ـ الفلسطينية ضده.
رغم ان الصدر غاب منذ 28 سنة إلا أن الأيام والوقائع تثبت أن رسالته أقوى من النسيان.