Note: English translation is not 100% accurate
نظرة إلى السياسة القطرية
الثلاثاء
2006/9/5
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : محمد بسام الحسيني
إن السياسة الخارجية لدولة قطر وسبل وقنوات وأدوات تعاملها مع مختلف قضايا المنطقة ملف مثير للاهتمام إلى درجة كبيرة.
فهذه الدولة الخليجية رغم مساحتها الصغيرة جغرافياً استطاعت خلال السنوات الأخيرة الصعود بسرعة هائلة في فضاء السياسة الاقليمية والعالمية، بالتزامن مع تطبيق رزمة إصلاحات سياسية واقتصادية داخلية تم انجازها بنجاح كبير.
الحضور القطري على أعلى مستوى خلال الحرب اللبنانية ـ الإسرائيلية سياسياً وديبلوماسياً وإعلامياً عكس بوضوح رغبة الدوحة في الاضطلاع بدور إقليمي متميز وخاص بها بموازاة دورها كجزء من المنظومتين الخليجية والعربية.
وقد تركز ذلك الدور في الهامش الذي لا يتوافر إجماع عربي عليه، وهذا ما ميّز الموقف القطري.
وربما يتساءل أي مراقب:
كيف تمكنت قطر رغم علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن واستضافتها للقيادة المركزية للجيش الأميركي بالمنطقة وعدم اخفائها لوجود علاقات ـ مهما علا أو تدنى مستواها ـ مع اسرائيل أن تصنع لها صورة مميزة في عقول وضمائر اللبنانيين وشعوب المنطقة الممانعة للسياسة الأميركية ـ الإسرائيلية؟
الرد على هذا التساؤل ممكن منطقياً:
لقد اختارت قطر التعامل في الصراع العربي ـ الإسرائيلي كوسيط فاعل ومباشر في عملية السلام يحظى بثقة الجانبين، وسعت إلى ذلك بجهد وصدق ووضوح وبعد ان توصل واضعو سياستها على الارجح لقناعة بأن القطع الكامل للعلاقات مع اسرائيل في زمن ترتبط فيه اكثر من نصف الأنظمة العربية بعلاقات معها قد أصبح مجرد موقف شكلي وسلبي خصوصا ان حامية اسرائيل الولايات المتحدة هي حليفة استراتيجية لعدد كبير من دول المنطقة.
واختارت الدوحة إقامة الحد الأدنى من تلك العلاقات وفتح قنوات اتصال مع الجانب الاسرائيلي بشكل منفرد في ظل صعوبة التوصل لهكذا قرار على مستوى خليجي أو عربي أوسع أملاً في أن تساعد هذه العلاقات بدفع الأمور نحو الأفضل.
ويضاف إلى ذلك بالتأكيد الرغبة القطرية الواضحة في بناء سياسة خارجية فاعلة ومستقلة تواكب طموح قيادتها السياسية.
وبالعودة للإجابة عن سؤالنا نجد ان قطر تجاوزت غضب الشارع لدى شعوب ودول المواجهة مع اسرائيل ضد علاقاتها معها من خلال الإعلام وعبر فضائية «الجزيرة» تحديداً التي بدا واضحا خلال الحرب الأخيرة تبنيها لوجهة نظر المقاومة في لبنان، كما تتبنى الدفاع عن الفلسطينيين وتعارض الوجود الأميركي في العراق.
ويُفهم من خلال مواقف «الجزيرة» ان قطر انما تريد ان تقول:
هذه طموحات شعبنا المتعاطف مع اخوانه العرب والذي لا يمكنه ان يكون ضد اللبنانيين أو السوريين.
وما زيارة سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للضاحية الجنوبية ولدمشق أخيراً الا تأكيد لهذا التعاطف.
ولكن بالمقابل تحرص الدوحة على التعامل بواقعية شديدة في السياسة الخارجية، وهي لا تجاهر بعلاقاتها مع اسرائيل بطريقة استفزازية، بل تكتفي بالقدر الذي ينبغي ان تكون عليه هذه العلاقات لتذليل العوائق أمام السلام وبما يتناسب مع خطوط استراتيجيات السياسة القطرية.
بالتأكيد قد لا يرضي هذا الأمر الكثير ممن لا يؤمنون أصلاً بفكرة استمرار اسرائيل والاعتراف بها، أو اقامة علاقات معها في ظل ما ترتكبه من انتهاكات وجرائم، ولكن الصورة الايجابية التي تكونت عن قطر في لبنان وسورية وفلسطين تعكس، حتى الآن على الأقل، أن السياسة الخارجية القطرية على درجة كبيرة من الحكمة والذكاء والتوازن سواء اختلفنا أو اتفقنا معها.