محمد الحويلة
بالأمس القريب كنت في زيارة صديق يرقد في مستشفى العدان اثر وعكة صحية ألمت به، فأدخل المستشفى لعمل الفحوصات الطبية اللازمة وفقا لنصائح الاطباء له، بادرني صديقي بالكلام بعد ان اطمأننت عليه بقوله «صار لي اراجع مستشفى العدان اكثر من 25سنة والحين عيالي وعيالهم اذا اشتكوا من شي يذهبون الى المستشفى نفسه دون ملاحظة اي توسعة تذكر الله يعين هالمستشفى».
غادرنا المستشفى ولسان حالي يقول: الناس يشتكون من الخدمات الطبية والازدحام اثناء مراجعة الطوارئ أو العيادات الخارجية ويتذمرون من قلة عدد الاطباء وأحيانا من سوء الخدمات أو توجيه النقد للأطباء لسرعة تشخيصهم للأمراض، ومعهم الحق في كل ذلك ولا يلامون عليه، فالخدمات الصحية حق مشروع لكل المواطنين ويجب ان يتمتعوا بها على قدم المساواة وبالشكل المناسب واللائق الذي يؤمن لهم الاطمئنان على أحوالهم وصحتهم هم وأولادهم، وهذا الحق كفله الدستور والمشرع الكويتي كواجب يقع على الدولة وعليها تأديته.
الخدمات الصحية في البلاد بحاجة الى اعادة دراسة وان تكون وفق تخطيط سليم يتماشى مع تعداد السكان والزيادة المتوقعة خلال السنوات المقبلة، فكيف لنا أن نوجه اللوم الى مستشفى العدان أو الجهراء أو الفروانية أو الأميري أو غيرها من المستشفيات اذا علمنا أن عمليات التوسعة والتطوير فيها قليلة ومحدودة؟ فمستشفى العدان انشئ في بداية الثمانينيات لخدمة سكان المحافظة البالغ عددهم في ذلك الحين قرابة 250 الف نسمة واليوم عدد سكان المحافظتين الاحمدي ومبارك الكبير 775.529 نسمة وفي المقابل الطاقة الاستيعابية للمستشفى محدودة وهي 557 سريرا وعدد الاطباء يقارب 350 طبيبا، وافراد الهيئة التمريضية يقارب عددهم 1000 ممرض وممرضة والعيادات الخارجية والأجنحة على حالها، وان كانت هناك بعض التحسينات وأعمال الترميم، إلا أنها مقتصرة على بعض الجوانب دون غيرها ولا تفي بالغرض المرجو وهو تخفيف الازدحام وتقديم رعاية صحية متميزة، ثم ان المواطن لاسيما المريض او الذي يعاني من المرض وكذلك اهله لا يقدرون هذه الأمور وأول ما يتوجهون به هو القاء التهم واللوم على ادارة المستشفى والعاملين فيه من اطباء وموظفين، ولسنا هنا في مقام المدافعين عن مستشفى العدان أو غيره ولكن يجب علينا ان نبين الحقيقة عندما نحدد المشكلة ومن ثم سببها وكيفية علاجها، لذا فإن الضغط الشديد على هذا المستشفى أو غيره إنما هو ناجم عن العدد الكبير الذي يزور هذه المستشفيات وهذا أمر نسبي لا يتوافق مع زيادة السكان الكبيرة، وعدم قيام وزارة الصحة بانشاء مستشفيات متكاملة نموذجية، وهي بذلك اعتمدت مستشفيات ومستوصفات القطاع الخاص، حتى تحل بديلا عنها وعن دورها المهم والحيوي في تقديم الرعاية الصحية لأفراد المجتمع مع العلم ان هناك الكثير من افراد المجتمع من ذوي الدخل المحدود غير قادرين ماديا على الذهاب الى تلك المستشفيات.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: التزايد السكاني يسير بخطى سريعة والمناطق الجديدة اخذت بالتوسع فلماذا لا تكون في كل محافظة مدينة طبية متكاملة تستوعب عدد سكانها الآن والزيادة المتوقعة مستقبلا وان تكون مصممة وفق احدث وأفضل المواصفات الطبية العالمية ومزودة بأحدث التقنيات والأجهزة المتطورة، يقوم عليها الاستشاريون والاخصائيون في جميع التخصصات سواء من الكوادر الوطنية المؤهلة أو بالاستعانة بالخبرات العالمية، والدولة ولله الحمد بخير وتعيش طفرة مالية وأفضل ما يمكن ان تستغل به هو المجال الصحي لخدمة ابناء هذا الوطن؟
إنه مجرد سؤال.