أكرمني الباري بزيارة بعض الدول الغربية فكنت انظر الى شوارعهم وساحاتهم فلا أجد مكانا للتسكع فيها. فالكل له شاغل يشغله ويتحرك لإنجازه إما تسوقا أو عملا أو مهمة وحتى من لا عمل له تجده يتخذ من موهبته منفذا يجني من ورائه بعض النقود، فبين من يعزف على آلته الموسيقية وبين من يرسم على الأرض او ينحت عليها وبين من قوم ببعض الحركات البهلوانية او الفكاهية ومقابل ذلك كله يتبرع لهم القليل من المتفرجين ببعض القطع المعدنية من النقود فيأخذونها مستأنسين لأنهم أشبعوا مواهبهم وحصلوا على مقابل مادي منها وإن قل. وحتى المهاجرين لا يضيعون وقتهم عبثا بل يقومون ببيع بعض الحاجات البسيطة تكفل لهم بها العيش الكريم وشغل الوقت بما يفيد. وفي الحدائق تجد قارئا لكتاب او ممارسا لعمل رياضي او جالسا لاسترخاء (وهؤلاء قلة قليلة).
المهم أن الجميع يعملون ويستغلون وقتهم بالمفيد. فلا شباب يهدر وقته بالوقوف في الساحات او الشوارع دون هدف محدد يتحرش بهذا او تلك، ولا زحمة مرورية ناتجة عن افراد عاطلين يتخذون من سياراتهم وسيلة لقضاء وقت الفراغ بالسير في الطرقات بلا هدف محدد، ولا مقاهي تزخر ببعض الصراخ والأصوات العالية لان اصحابها ليس لديهم عمل سوى تعاطي الشيشة او البحث عن لقمة. نظرت الى هؤلاء وتساءلت ما هو الفرق بيننا وبينهم. هم بشر لهم نفس ما لدينا من قدرات واحتياجات وتطلعات لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم منهمكون في أداء أعمال ما ونحن نشتكي الفراغ والملل. هل أنهم في حالتهم تلك نتيجة تربية اسرية أو نظام سياسي أو وضع اجتماعي أم نظام تعليمي؟ أم أن ذلك كله لا دخل له في وضع الشعب هناك وأخص بالذكر الشباب؟
وماذا عنا؟ لماذا يقضي شبابنا وحتى كبارنا وقتهم بالتسكع وهدر الطاقات وما يصاحبها من قلة الإنجاز إن لم اقل بعدمه؟ الغربيون يتبارون في الإنجازات والاختراعات والاكتشافات وحتى في تبنيهم القضايا الإنسانية ونحن نركن هذا كله على جنب وأفضل ما نعمل لوم غيرنا أو البحث عن أعذار. فبم يختلف أولئك عنا؟
إنه تساؤل مستحق أوجهه لإصحاب الشأن والاختصاص.
[email protected]