تجولت في عدد من المدن الألمانية وكنت أحاول أن أجد بعض المباني والمعالم التي أنشئت إبان حكم هتلر، فلم أجد إلا مبنى واحدا وأخذت أتطلع إليه لأتلمس فن العمارة الخاص بتلك الحقبة الزمنية، وفي الحقيقة فإن جل المباني التي مررت عليها أقيمت قبل فترة النازية واستغلها الحكم النازي بطبيعة الحال كونها مباني عامة أنشئت لغرض عام. المهم التاريخ الألماني تجده حاضرا في الشوارع والأزقة كما هو الحال في جميع بلدان الغرب.
وكان أن سرح خيالي لأقارن ذلك بوطني الكويت علني أتذكر مبنى أثريا تم الاحتفاظ به ولم تمتد إليه عدوى الهدم والإزالة أو يسيل لعاب الورثة لقيمته فيتم بيعه، فلم أجد إلا مباني قليلة جدا منها قصر مشرف وقصر دسمان وأطلال وبقايا قصر خزعل، إضافة لقصر السيف ومبنى البلدية القديم والمحكمة القديمة. بعض المدارس سلمت من الهدم بفضل حملة إعلامية هنا أو هناك ولكنها قليلة جدا.
هذا في المباني الرسمية، أما في المباني الأهلية فهناك بيوت شيرين بهبهاني التي لاتزال بحوزتهم أو التي باعوها وحسينية معرفي وديوان الملا وغيرها وهي أيضا قليلة، وكأن أهل الكويت القدامى كانوا يفترشون الأرض ويتلحفون السماء من غير بيوت او مقرات رسمية.
لا أعلم لماذا لا تقوم الحكومة عبر أي من مؤسساتها بشراء ما تبقى من بيوت أو قصور لعبت دورا مهما في تأريخ الكويت وكانت بحق مراكز قوة أو مصادر قوة حفظت للكويت وجودها، ماذا يعجز حكومة الكويت من امتلاك قصر دسمان وقصر مشرف بدلا من أن تنسفهما الجرافات كما اقتلعت جزءا بالغ الأهمية ألا وهو قصر الشعب أو بيت المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح مؤسس الكويت الحديثة أو كما مسحت من الوجود قصر المرحوم الشيخ أحمد الجابر في بيان، والشيخ أحمد هو أبوالنفط.
هناك بيوت في الشويخ السكنية، قديمة تحكي فن العمارة القديم ولابد أن لها تأريخ ودور في التأريخ فلماذا لا يتم تملكها أو حتى اعتبارها مباني تراثية يمنع التصرف فيها حتى لو كان بالتراضي مع ملاكها.
الأسواق القديمة هدمت والمراكز التأريخية أزيلت وكأن الكويت لا تأريخ لها وهي التي كانت يوما مركزا تجاريا وسياسيا تسابقت كبريات الدول على كسب ودها.. فهل تكون دعوتي هذه نفخة في الهواء!
[email protected]