من منا لا يعرف بائع الآيس كريم ذلك الإنسان الصبور الذي يعتلي دراجته الهوائية ذات الصندوق الخشبي الكبير المبرد الذي يحتوي على الآيس كريم «البرد» ثم يدور بين البيوت في فترة العصر وهو ينادي بأعلى صوته «برررد» ليخرج له المشترون من كل الأعمار كي يأخذوا منه ما يبرد على «قلوبهم» من منتجات مثلجة تعينهم على حر الصيف.
بائع الآيس كريم تجده أيضا في الشوارع واقفا بعربته في الحر القائظ والغبار الشديد والهواء اللاهب من الظهر إن لم نقل من الصباح وحتى التاسعة مساء وليس لديه ما يحميه من قساوة الجو الكويتي (من حر وشمس ورطوبة وغبار) سوى قنينة ماء وغترة يضعها على رأسه لتحميه من شدة أشعة الشمس، ولا أعرف فعلا هل قانون عدم التشغيل في فترات ذروة الحرارة ينطبق على هذا الموظف المسكين. الدول المتقدمة تضع لبائع الآيس كريم أو «البرد» سيارات وصفارات موسيقية لتتجول بين البيوت ولا وجود لبائع يقف بعربته في الجو اللاهب على الشوارع أو عند التقاطعات.
لقد تطورت الكويت في مجالات متعددة لكن هذا التطور لم يمس عربات الآيس كريم بل غفل المشرعون كما غفل أصحاب العمل عن هذه الفئة ما داموا يدرون عليهم الأموال ويصرفون البضاعة ولم نسمع صوتا واحدا ولو خافتا يطالب بتحسين بيئة العمل لهذه الفئة التي تنتشر في كل مناطق الكويت وتسعد جميع أبنائها. لعل من أبسط مظاهر التحسين هو وضع أماكن أو أكشاك مظللة لهؤلاء البائعين يستظلون بها من لهيب أشعة الشمس.
ثمة فئة أخرى لا تقل ظروف عملها البائسة كثيرا عن بائعي الآيس كريم ألا وهم بائعو المرطبات الذين تعطيهم الشركات مجموعات من الصناديق لمشروباتها وتطلب منهم التجول على الأقدام لتصريف تلك المشروبات أيا كانت حالة الجو الصيفي. لابد فعلا من التوجه لهذه الفئات والنظر في متطلباتها واحتياجاتها والعمل على توفير مستلزمات الحماية لها من قساوة الجو وشدته فهؤلاء بشر لهم علينا حق المراعاة والرحمة فهل تقوم الهيئات الحكومية ذات العلاقة بدراسة أوضاعهم العملية ومساعدتهم على أنجاز عملهم دون تركهم لرحمة الجو؟ آمل ذلك.
[email protected]