ماذا نعرف عن أئمة أهل البيت سلام الله عليهم؟ لا نعرف عنهم إلا النزر اليسير، فلقد أراد الأمويون والعباسيون للناس ألا يعرفوا شيئا عن هذه الكوكبة المباركة من الناس خوفا من اتباعها وبالتالي ضياع الحكم من أولئك. خاصة بعد أن تواترت الأخبار لديهم والأحاديث النبوية المباركة عن النبي صلى الله عليه وآله باتباع أهل بيته والالتفاف حولهم.
وكانت بالنتيجة أن حسب الأئمة على الشيعة فقط لأن الشيعة آمنوا بصدقهم ومنزلتهم وحقهم فصار من يحب أماما منهم أو يلتزم بقوله يرمى بالرفض وأحيانا بالزندقة ويعرض لأقسى أنواع العذاب. ولو تصفحنا التاريخ نجد رغم ذلك التعتيم الإعلامي الشديد ان بعضا من الكتاب الذين لم ينضووا تحت عباءة حكام بني أمية أو بني العباس لم يترددوا في ذكر بعض أخبار أولئك الأئمة ودورهم البالغ في حماية الإسلام وحفظ هيبة الدولة الإسلامية أمام أعدائها وإن اختلفوا مع حكامها اختلافا بيّنا.
فهذا الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين (على سبيل المثال) يقترح على عدوه اللدود عبد الملك بن مروان ضرب أو سك النقود في مواجهة تهديد ملك الروم، كما أن ابنه الإمام محمد الباقر بن علي وأولاده من الأئمة بعده وقفوا وقفة صارمة في وجه البدع والانحرافات الفكرية التي شاعت في بعض الأزمنة إما بتشجيع من بعض الحكام أو بعض الفلاسفة وقضوا عليها أو منعوا انتشارها ليبقى الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية سليمين من كل تشويه.
ولا يمكن أن نغفل الكلمة الشائعة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وهو يقول حين بلغه تهديد هرقل ملك الروم «والله لئن فعلها هرقل لأضعن يدي بيد معاوية» من أجل ردع ورد كيد الروم ومليكهم. وهكذا تتعدد مواقف أئمة أهل البيت عليهم السلام في حفظ الدولة الإسلامية أيا كان موقفهم من حكامها.
طبعا هذا إن أغفلنا مواقف هؤلاء الأئمة في إحياء مكارم الأخلاق وتقوية العقائد في نفوس المسلمين وكانوا روادا في ذلك لم يوقفهم بطش حكومة أو قوة سلطان.
ان هذا يستدعي من الكتاب والباحثين وأصحاب المنابر توجيه جهودهم إلى الكشف عن تلك المواقف وبيان تلك الجهود بدلا من تخصيص مواقعهم للهجوم اللفظي على إخوانهم المسلمين وبدلا من توجيه اتهامات ظالمة مفتراة تفرق وحدة المسلمين وتشق عصاهم. وحتى يقوموا أيضا بدراسة تاريخنا بشكل صحيح وتنقيته من الدرن الذي ألحقته به مصالح أهل الدنيا وأهواء الفاسدين من الحكام الذين لم يكونوا يطيقون أن يروا المسلمين ملتفين حول تلك الصفوة المباركة من أهل البيت.
[email protected]