لا أريد أن أتدخل في أوضاع العراق وشؤونه الداخلية، غير أنني أريد أن أبدي وجهة نظر فيما تم تداوله وأقوال بعض المتحللين ولا أقول محللين حيث كشفوا عن سوءات عقولهم وخبث نواياهم.
أولا: الأحداث انطلقت على خلفية مطالبات مشروعة أقرت وتقر بها على الدوام الحكومة العراقية على لسان رئيسها كونها ناتجة عن وضع سياسي معقد وغير سليم ولا صحي، غير أن من تنادى بالمظاهرات الأخيرة وشجع عليها جهة غير معروفة وليست معلومة لدى العراقيين فحتى أحزابهم السياسية تنصلت منها وكذلك قواهم الشعبية الفاعلة. فالقضية إذن أن جهة خارجية عملت على تأجيج الوضع وإثارته وعملت على انتشاره وليس صعبا إغراء بعض التائهين والمتسكعين والمرتزقة إضافة إلى السذج من المخلصين بالمشاركة. فحتى عملية إطلاق النار وقتل بعض الأبرياء يمكن فهمها في هذا الإطار وغرضها مزيد من الإثارة والهيجان والنقمة.
ثانيا: المطالبات لم تقتصر على إصلاح الأوضاع بل تعدت إلى أمور لا علاقة لها بتدهور الأحوال المعيشية كالنيل من المرجعية الدينية التي يحترمها السواد الأعظم من الشعب العراقي بكل طوائفه والمطالبة بترحيلها عن العراق بما يعطي دليلا غير قابل للنقض أن من وراء هذه الأحداث هم ليس الشعب العراقي وإنما مجموعة من الموتورين الذين يريدون التسلق على ظهور أبناء الشعب العراقي الذين وإن عاشوا ظروفا بالغة الصعوبة لكنهم يدركون أن مراجع الدين لا دخل لهم بالتدهور الخدماتي الحاصل وإنما هم أول المطالبين بتحسين الخدمات والأوضاع. والطريف أن من الشعارات المطروحة «إيران برا برا» غافلين وعن تعمد من يمتص خيرات العراق فعلا ويقف عثرة في سبب تقدمه وهي أميركا فلم يرد اسمها في أي هتاف بما يوحي بأن من وراء هذه الأحداث يبغي كسب ود أميركا إن لم يك مدفوعا منها.
ثالثا: قام أدعياء التحليل السياسي بالكشف عن نياتهم السيئة وأظهروا حقدهم الدفين على العراق وعلى الشعب العراقي وكالوا له الاتهامات وكأنهم وهم البعيدون كل البعد عن الواقع العراقي اكثر معرفة وفهما وحرصا من الشعب العراقي على أحواله ومآسيه مستغلين حدثا هنا وصيحة هناك ربما انطلقا لمزيد من التأجيج لتبرير نظرتهم السيئة تجاه هذا الشعب الذي ظلم على مر التاريخ وإن خرج منه أناس تعافهم الإنسانية عاثوا في الأرض فسادا وخرابا وتدميرا لكنهم ليسوا الشعب العراقي بل أفراخ الطغيان وأبناء البعث الآثم.
أثبت أولئك المتحللون جهلهم بقراءة الأحداث وربطهم بين المعطيات حتى يتمكنوا من الوصول لرؤى صحيحة واستنتاجات سليمة فجاءت آراؤهم سقيمة وهادمة لكنهم غير ملومين لأنهم يعبرون عن نفوس حقودة وأفكار مريضة فتصدق عليهم الآية المباركة (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).
إنني وجميع المخلصين المنصفين مثلي نتمنى أن يعم الهدوء والرخاء هذا البلد المنكوب وأن يتمكن فعلا من تجاوز هذه المحنة وجميع المحن ليكون دعامة متينة في جسم الأمة العربية.
[email protected]