محمد الخالدي
الزيارة التي قــامــت بها مجــموعة من الخبراء من أميركا وألمانــيا وفرنسا وكـــندا وبريطانيا واليــابان بهدف التعرف عن قـــرب على ســر التقدم الكبـــير والنهضة العجــيبة في هذا البلد الفقير في موارده (فقط 2.5 مليون برميــل نــفط يومـــيا بمعدل 80 دولارا للبرميل) والكــبير بمساحته التي لا يمـــكن السيطرة عليــها ( 18 ألف كم2) وبعــدد ســـكان وصل للمليون ومع ذلك استــطاع أن يحـــقق إنجــازات عجيـــبة وغريـــبة جعلت المراقبين في تلك الدول المتـــقدمة يشعرون بالحرج أمام شعوبهم بســببها، كل ذلك يدعونا للفخر والاعتزاز بما وصلنا إليه في الكويت بفضل الأداء الحكومي الرائع والممارسة البرلمانية الأكثر روعة!
وأكثر ما يثير في زيارة هذه الوفود من الدول الكبرى هو الحديث الذي دار بين أعضائها خلال تجولهم على مرافق الدولة خاصة المباني الحكومية، فقد قال الخبير الألماني بعد أن شاهد مستشفى العدان ومستشفى الطب الطبيعي إنه سيطلب من حكومة بلاده إرسال المرضى الألمان للعلاج في الكويت، أما الخبير الياباني فقد أصيب بالدهشة من تقـــدم الصناعة فـــي الكويت ووقف حائرا أمـــام الحركة الصنــاعية الكبرى التي استطاعت أن تحــققها خلال فترة قيـــاسية، في حين أن الخبير الكندي «طقـــته البــوهــة» وفتــح فمه عن آخره عندما اطلع على النظـــام التعليمي في الكويت وظل طوال الرحلة يتســــاءل باستــغراب: كيــف استطاعوا أن يفعــلوا ذلك، كيــف تمكـــنوا من صنع ثلاثة أنظــمة في نظام واحــد؟ أما الخبير الفرنسي فقد صعق من جمال البلاد بمبــانيها الشاهقة والجديدة كليا، حيث لاحظ أن معظم المباني الحكومية لا يتجاوز عمرها أكثر من 70 عاما فقط لا غير، واستغرب من دقة البناء وروعة الفن المعماري لدرجة أنه كان طوال الجولة ممسكا بآلة التصوير لتوثيق تلك العجائب المعمارية!
الخبير البريطاني بدوره أصابته الدهشة عندما زار البرلمان وتعرف على الممارسة الديموقراطية هناك، فاضطر إلى إنزال أنفه قليلا وقال لبقية الخبراء: كنت أعتقد أن البرلمان البريطاني من أعرق وأنضج البرلمانات في العالم، ولكنني لا استطيع بالتأكيد أن استمر في هذا الاعتقاد بعد اليوم! في حين أن الخبير الأميركي الذي كان يدون كل شيء في دفتر ملاحظات صغير كان معه وقف حائرا، وظل فمه مفتوحا من هول الصدمة، حتى نطق أخيرا وهمس للخبراء الأجانب الذين معه: لا يمكن أن تكون كل هذه الإنجازات من صنع الكويتيين فقط، أعتقد أنهم تمكنوا من الاستعانة بكائنات غريبة من كوكب آخر متقدم ملايين السنين عن كوكبنا! هل رأيتم مدارسهم، هل رأيتم مستشفياتهم، والشوارع كيف استطاعوا أن يصمموها بهذا الشكل الانسيابي العجيب؟! حركة المرور عندهم غريبة وتسير بمنتهى الروعة على الرغم من عدم وجود مترو أنفاق! وأضاف الخبير الأميركي أن المعلومات الاستخباراتية التي لديه تقول إن الكويتيين تمكنوا من ابتداع نظام إداري غير مسبوق في تاريخ البشرية كلها يسمى عندهم «الواسطة»، وهو نظام تحاول أجهزتنا الاستخباراتية أن تفك رموزه وطلاسمه منذ 30 عاما! إلا أنني مازلت أصر على أن كل هذه الإنجازات الهائلة لا يمكن تحقيقها في هذه الفترة القياسية وفي ظل الدخل المتواضع جدا، مازلت أعتقد أن هناك كائنات من كوكب آخر تساعدهم.
وهكذا مضى الخبراء الأجانب من تلك الدول المسكينة عائدين إلى بلدانهم وهم يفكرون بكل استغراب لمعرفة السر وراء هذه النهضة التي لا تتناسب على الإطلاق مع موارد الدولة المحدودة، أما صاحبهم الكندي فلا يزال المسكين ممسكا بورقة وقلم، ويحاول حل ذلك اللغز العجيب في النظام التعليمي، ثلاثة في واحد أم واحد في ثلاثة. فشكرا يا حكومتنا الرشيدة، وشكرا يا مجلسنا الموقر، شكرا من الأعماق لأنكم بالفعل تمكنتم من صنع «المستحيل»!