محمد الخالدي
لسنا بحاجة الى التأكيد على دور المملكة العربية السعودية الشقيقة في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين وما تقدمه من عمل مستمر لتطوير تلك الخدمات عاما بعد عام ولتسهيل أمور حجاج بيت الله الحرام، فما يشاهده ملايين المسلمين من زوار الحرمين الشريفين على مدار السنة أبلغ من كل حديث وأعمق من كل وصف.
دار حديث بين اثنين من الحجاج قبل بضعة أعوام كان أحدهما دائم التذمر والتأفف من منظر الفقراء ومن الزحمة التي تصل إلى حد «الخنقة» وغيرها من مظاهر «الحشر الأصغر» التي لم يكن يطيقها، حتى قال «ليش ما يخلون الحج مثل العمرة مفتوحة طوال السنة؟» فرد عليه صاحبه الذي كان يحاوره، إنك لا تدرك معنى الحج إذن، فقال المتذمر (وهو بالمناسبة كويتي) ان المشكلة كلها بسبب سوء التنظيم، ولو كانت مكة المكرمة في بلد أوروبي لما شاهدنا كل هذه الفوضى.
رد صاحبه: المشكلة ليست في التنظيم كما تعتقد، واحمد الله أن سخر آل سعود الكرام لخدمة ضيوف الرحمن فلو كانت مكة بغير هذا المكان لأصبحت الآن مزارا للسواح كما هو حال كثير من بيوت الله في دول أخرى، ثم أعطاه شنطة صغيرة (التي توزعها حملات الحج على الحجاج)، وقال له حرفيا: هاك امسك، حاول أن تضع كل هذه الأغراض الموجودة في الغرفة بكل أثاثها ومتاعها داخل هذه الشنطة، واستعن بمن تريد من دول أوروبا لفعل ذلك.
بهت صاحبنا المتذمر بعد أن فهم المقصود من هذا المنطق الواضح والبسيط، فأدرك أن ما يعتبره «مشكلة» وفوضى وزحمة مرده وجود كل هذه الملايين من المسلمين في بقعة صغيرة كتب الله عز وجل عليها أن تتحرك في وقت واحد، وفي مكان واحد، وبلباس واحد أشبه بالكفن حتى يتأملوا ويتفكروا في يوم «الحشر العظيم» حيث لا يوجد حينها خدمات «خمسة نجوم».
نحمد الله حقا وفي كل آن على أن سخر آل سعود وشرّفهم بهذه المنزلة العظيمة لخدمة بيت الله الحرام وضيوفه من المسلمين من كل بقاع الأرض، ولكم ان تتخيلوا لو كانت مكة المكرمة في ليبيا مثلا فماذا كان سيفعل صاحب النظريات «الفنطازية» من عبقريات للتعامل مع هذا المحشر؟
بقي أن نقول لحجاج بيت الله الحرام ممن قدر لهم الرحمن حج البيت العتيق هذا العام في كل مكان، حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور بإذن الله، وتقبل الله من الجميع صالح الأعمال.