قبل أيام زار الكويت أحد الأصدقاء البريطانيين، كان قد أمضى قبلها شهرا كاملا في الإمارات. ورغم أن الحديث بيننا كان ضاحكا وممتعا، إلا أنه أيضا كان مؤسفا ومؤلما ومحزنا، كان يتحدث عن دبي وأبوظبي بكل ما فيهما من جمال وبهاء وحسن تنظيم، يصف دبي بإعجاب بشوارعها النظيفة ومبانيها الشاهقة وطلتها الجميلة وكأنها نيويورك، ويتحدث بانبهار عن أبوظبي بأصالتها وشموخها وتطورها السريع، ثم يتحدث بكل أسف عن الكويت بما فيها من جمود وفوضى وفساد، فصاحبي من مواليد الكويت أصلا، يعرفها كما يعرف أبناءه، عاش فيها 40 عاما قبل أن يغادرها مع من غادر بعد التحرير.
يقول لي بحزن: الكويت جميلة والحياة فيها رائعة، لكن مشكلتها الفوضى التي تلاحظها في كل مكان، فتشعر بمجرد الخروج من المنزل بغياب القانون واستهتار الناس بالنظم، سواء كانوا مواطنين أو وافدين. قلت له: تتحدث هكذا مع أنك سكنت في السالمية وتنقلت في أجمل مناطق الكويت فقط، فماذا كنت ستقول لو ذهبت إلى جليب الشيوخ أو خيطان أو الجهراء أو غيرها من المناطق «المضروبة»؟!
يحكي لي باستغراب شديد، قائلا: ذهبت لأتبرع بالدم، وأقسم بالله أنهم رفضوا لأنه ليس لدي إقامة، يكمل بأنني حاولت معهم لأكثر من ربع ساعة أن أقنعهم بأن يسمحوا لي بالتبرع بالدم، لا أريد شيئا، فقط أريد أن أتبرع بالدم ولم يسمحوا لي. ويقسم أيضا أنه دخل مع ابنه إلى أحد المجمعات وأراد أن يلعب بلياردو، فطلب منه العامل بطاقة مدنية. يتحدث باستغراب وحسرة ويقول: لم أتوقف عن متابعة أخبار الكويت منذ أن خرجت منها، كنت أقرأ قبل سنوات عن مشروع تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري وعن إعادة الإعمار وعن المشاريع وكنت أعتقد أنني حين أزور الكويت لن أعرفها، كنت أتوقع أن أشاهد مدينة تشبه ما يرسمه المخرجون في أفلام هوليوود في أفلامهم الخيالية، ثم بالأخير يطلبون بطاقة مدنية من أجل لعبة وإقامة من أجل التبرع بالدم والناس يسيرون في الشوارع بسيارات وكأنهم يمشون بجمال في الصحراء، بلا قانون ولا نظم يقول صاحبي: الكويت بلد طارد لا يرحب بالآخرين، مغلق بشكل غريب على عكس الإمارات التي تشعر فيها بالضيافة منذ وصولك للمطار.
[email protected] - [email protected]