محمد الخالدي
فجأة أصبح الحديث كله عن فوز المرأة في انتخابات مجلس الأمة وكأنه الحل السحري الذي سيقضي على كل مشاكل البلد ويعيد عجلة التنمية للتدحرج مرة أخرى، أما السؤال عن كيف سيحدث هذا فهو على ما يبدو سؤال غير ضروري الآن.
هذه الفرحة الغامرة التي عمت البلاد بفوز أربع نساء (طقة وحدة) تحتاج منا لوقفة تأمل وتحليل لنعرف هل حقا سيؤدي دخول المرأة للبرلمان إلى انفراج سياسي؟ مع التأكيد على أنني لا أشكك على الإطلاق في كفاءة النساء الأربع الفائزات في الانتخابات، ولست أبدا ضد التصويت للمرأة أو غيرها من التهم المعلبة لأنني لا أنتمي إلى أي اتجاه أو حزب أو «رف» من هذه الأرفف الجاهزة.
وصف المجلس السابق والذي قبله بأنه «مجلس تأزيم» لأسباب غير مبررة وهي أولا صراخ بعض النواب من جهة وبسبب تقديم عدة استجوابات للحكومة ورئيس الحكومة من جهة أخرى، فهل الصوت العالي أثناء النقاش أو ممارسة النائب لحقه الدستوري في الرقابة واستعمال الأدوات الدستورية كالاستجواب يبرر وصف المجلس بأنه «تأزيمي» وأنه سبب توقف التنمية وتعطيل المشاريع؟ المجلس السابق والأسبق أدى دوره التشريعي وأقر مجموعة من القوانين والمشاريع، فما الذي تم تنفيذه منها؟ ما الذي منع الحكومة عن تنفيذ المدينة الجامعية حتى الآن، وما الذي منع الحكومة عن تنفيذ مستشفى جابر، والمشروع الإسكاني في الصليبية وماذا عن ستاد جابر وغيرها؟ ما دخل المجلس في تعطيل هذه المشاريع والحكومة لديها القانون الذي تم إقراره ولديها الميزانية ولديها السلطة التنفيذية؟ فبأي حق يوصف مجلس الأمة بأنه سبب تعطيل المشاريع وهو يتعامل مع حكومة عاجزة، بالرغم من كل إمكاناتها، عن إعداد برنامج عمل؟
دخول المرأة للبرلمان نقلة نوعية تعبر عن تطور ثقة المجتمع الكويتي بالمرأة، ولكن الاعتقاد بأن دخول المرأة للبرلمان في هذه الظروف السياسية التي تعيشها الكويت سيكون حلا سحريا ينقذ البلاد مما هي فيه من عثرة أمر مبالغ فيه بدرجة كبيرة.
أتابع مثل غيري كثيرا من التصريحات التي يطلقها بعض النواب ولم أستطع أن ألاحظ فيها ما يدعو للتفاؤل بمرحلة جديدة بين السلطتين تقوم على التعاون وفقا لمبدأ فصل السلطات كما ينص على ذلك الدستور، لا أريد أن أكون تشاؤميا ولكننا أيضا لا نستطيع أن نهرب من الواقع ونتصرف كما تتصرف النعامة، فتصريحات ـ أو تهديدات ـ بعض النواب ضد توزير بعض الأسماء هو تدخل صارخ في صلاحيات سمو رئيس الحكومة، لا يختلف على الإطلاق عن تدخل الحكومة في صلاحيات البرلمان وتهربه من حقوق النواب الدستورية في الرقابة، فكيف تريدوننا أن نتفاءل؟
النائب علي الراشد والنائب مبارك الوعلان لديهما موقف حول مزدوجي الجنسية، النائب محمد هايف أعلن أن تعاونه مع الحكومة مشروط بوقف إزالة المصليات غير المرخصة، النائب أحمد السعدون ونواب الشعبي لديهم موقف من قانون الاستقرار الاقتصادي، النائب د. فيصل المسلم لديه موقف من مصروفات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، النائب د.حسن جوهر لديه موقف من ملف التعليم، النائب مسلم البراك والنائب ضيف الله بورمية لديهما موقف من وزيري الداخلية والإعلام، وإذا أضفنا إلى كل ذلك ملف الصحة والعلاج بالخارج وانقطاع الكهرباء والمشاريع المتوقفة مثل جامعة الشدادية وستاد جابر ومستشفى جابر والقروض الاستهلاكية وغيرها فإننا لا نجد في كل هذا ما يدعو للتفاؤل، نعم نتمنى أن يسود التعاون وتتحقق الانجازات ولكن الأماني لا تصنع المعجزات.