[email protected]
قرأت مؤخرا دراسة أجراها معهد برتلسمان الألماني المتخصص بالقضايا الإسلامية والعربية وشؤون اللاجئين، تخلص الدراسة إلى أن المسلمين في أوروبا عموما، وفي ألمانيا بشكل خاص، مندمجون في مجتمعاتهم بشكل جيد، إلا أن هناك رفضا اجتماعيا لهم من قبل الآخرين، وترجع الدراسة أهم أسباب هذا الرفض الاجتماعي إلى التشويه الاعلامي المتعمد.
وامتدحت الدراسة ما أسمته «قدرة المسلمين على الاندماج في مجتمعات جديدة ومختلفة»، وأكدت أن اندماجهم يشهد تقدما في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والنمسا بشكل خاص.
يقول شتيفان فوبل وهو مدير معهد برتلسمان إن الاندماج بدأ فعليا مع الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين، أي مع أبناء المهاجرين ممن ولدوا في أوروبا ودرسوا في مدارسها.
والدراسة مليئة بأرقام وإحصائيات مهمة، لكن قبل ذلك يحق لنا أن نتساءل: وما هو الاندماج أصلا؟ لأن البعض يعتقد أن على المسلم القادم من بيئة محافظة أن يتخلى عن كل معتقداته وعاداته الاجتماعية، ويتحول لشخص أوروبي تماما، وهذا خطأ.
ليس هذا مطلوبا من أحد، وإنما هناك «فضاء عام» بثقافة وقوانين وعادات محددة هي التي يجب مراعاتها في المجتمع الذي يعيش فيه، دون الاضطرار للتخلي عن «الفضاء الخاص» للمهاجرين.
حسب دراسة معهد برتلسمان، تم وضع عدة معايير ومؤشرات لتحديد معنى الاندماج، من بينها مستوى التعليم والتوظيف والراتب وطريقة الهجرة وأسلوب الحياة التي يتبعونها في بلدانهم الجديدة.
علما أن المسلمين في أوروبا يمثلون حوالي 5% من مجموع السكان (أي حوالي 25 مليون مسلم).
فالاندماج يعني باختصار قبول هؤلاء المهاجرين لنمط الحياة الأوروبية، مقابل تقبل أهل هذه البلدان لخصوصياتهم الاجتماعية والدينية.
من الأرقام المهمة التي توصلت إليها الدراسة أن 96% من المهاجرين المسلمين في أوروبا عبروا عن ارتباطهم بالدول الأوروبية التي احتضنتهم، حتى مع وجود رفض اجتماعي من قبل بعض المتطرفين والعنصريين والشعبويين.
وتوضح الدراسة أن 67% من أبناء المهاجرين يكملون دراستهم الثانوية.
يقول عبدالصمد اليزيدي وهو الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إن الدراسة تعبر بصدق عما يشعر به أبناء الجالية الاسلامية وما يقولونه دائما، فالمسلمون في أوروبا مندمجون ويحترمون القانون ويحبون بلدانهم ويشعرون بالولاء والانتماء لها ويعيشون بصورة فعالة ويشاركون بإيجابية.
> > >
الأوروبيون عموما لديهم نظرة عقلانية في مسألة الاندماج، فهم يعرفون أن من الطبيعي جدا أن يكون للمهاجرين حنين وارتباط عاطفي مع أوطانهم الأولى، وهم ليس لديهم أي حساسية في ذلك، وكثير منهم لا يمانع ازدواجية الجنسية ولا يرون أنها تتعارض مع مسألة الولاء على الاطلاق، فالقانون موجود ويطبق على الجميع وسيحاسب المهاجر إذا ارتكب ما يضر مصلحة بلده الثاني.
وأنا تعاملت مع كثير من العرب المهاجرين في أوروبا، وكنت أشاهد في التشيك وألمانيا وفرنسا كثيرا منهم يضعون في مكاتبهم أعلاما وصورا لزعماء بلدانهم الأوروبية التي يحملون جنسيتها ويعيشون فيها، وصور وأعلام أوطانهم الأصلية التي ينتمون إليها، تجد هذا على سياراتهم ومكاتبهم ومنازلهم بلا حرج ولا خوف ولا شعور بالتناقض.