قبل أيام، حقق حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني شعبوي متطرف معاد للأجانب بصورة عامة، وكاره للمسلمين بصورة خاصة، حقق انتصارا جديدا في الانتخابات البرلمانية في ولايتي سكسونيا وبراندنبورغ شرق ألمانيا، والغريب أن هذا الحزب المتطرف يزداد قوة وانتشارا مع كل انتخابات منذ تأسيسه في برلين عام 2013، يقابله تراجع ملحوظ في شعبية الحزب المسيحي الديموقراطي (ميركل) والحزب المسيحي الاشتراكي (شولتسه) حليف الحزب المسيحي الديموقراطي الأقوى. واضح أن ألمانيا تسير باتجاه إنتاج هتلر جديد، ولذلك حذر وزير الداخلية الألماني هورست تسيهوفر قبل أيام من خطورة الوضع ومن صعود اليمين المتطرف، داعيا الجميع إلى العمل المشترك لمنع وصول ممثلي هذا الحزب المعادي للأجانب إلى السلطة قبل فوات الأوان، وقال صراحة، إن خطر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا لا يقل عن خطر «الإسلام الراديكالي»، لكن مع الأسف لا تحظى هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة بنفس درجة الاهتمام الذي يوجه للتطرف الإسلامي. صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة ليس حكرا على ألمانيا وحدها، فهناك مكاسب تحققها هذه الأحزاب في فرنسا وهولندا أيضا، الأمر الذي يوحي بأن أوروبا مقبلة على تغير كبير في السنوات القليلة القادمة.. نحو الأسوأ بالتأكيد، هذا ما توصل إليه استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «يوجوف» مؤخرا، حيث أعرب أكثر من 53% من الألمان عن تخوفهم من صعود اليمين المتطرف وتأثير ذلك على مستقبل ألمانيا وأوروبا.
***
هناك تحول اجتماعي كبير في عالمنا العربي، تحول من جيل «التذمر» المطالب بالإصلاح، إلى جيل «الغضب» المطالب بالتغيير. العالم كله يشهد تحولات كبرى في تحالفاتها وسياساتها الخارجية، والأنظمة التي لا تقرأ الواقع، ولا تتجاوب مع متغيراته.. ستخسر.
***
كل الدول التي تدخلت بشكل مباشر في محاولة عرقلة ثورات الربيع العربي ومنع التحول الديموقراطي في العالم العربي، تعاني اليوم من آثار هذا التدخل وتشهد خللا واضحا في علاقاتها الدولية وتحالفاتها السياسية وحتى وضعها الاقتصادي، وانظروا للدول الاسكندنافية (السويد، النرويج وفنلندا خاصة) وسويسرا والتي حافظت على حيادها ومبادئها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كيف حافظت على استقرارها وازدهارها بعيدا عما تشهده بقية الدول من توتر واضطرابات وخلل واضح في اقتصاداتها. ان محاولة عرقلة مسيرة التاريخ والتطور الطبيعي لشعوب عانت الكثير من الديكتاتوريات له ثمن بلا شك.
***
يقال عن سيمفونيات الموسيقار الروسي الكبير سيرجي رحمانينوف إنها من أصعب وأعقد المقطوعات الموسيقية على الإطلاق، بما تحمله من تقلبات سريعة ومتناقضة في المشاعر والحالة النفسية، من أقصى حالات الهدوء إلى قمة الاضطراب، ومن أشد حالات الفرح إلى أقسى حالات الحزن.. وما أشبه ما يجري في عالمنا اليوم بموسيقى رحمانينوف!
[email protected]