التفجير الآثم والعمل الشنيع اللاإنساني والفعل الجبان الذي قام به ذلك الآثم لم يحقق أهدافه في تفريغ المجتمع الكويتي الى فئات متناثرة أو كيانات متفرقة، فهذا العمل لا يمكن أن يقوم به إنسان إلا من فئة واحدة وهي فئة ضالة لم تراع حرمات هذا الشهر الفضيل، وان هذا النكرة استحق دعاء العالم أجمع بأن يخزيه الله في نار جهنم.
وها هي الكويت بشعبها وقيادتها تسمو على تلك الجراح بالتلاحم والتآزر وقد أثبت هذا الشعب القليل بالعدد والمساحة والكبير بالمعاني والتقارب بأن المحن مهما كبرت أو صغرت فهي كفيلة بأن تعكس للعالم أجمع صفاء ونقاء هذا الشعب المسالم الطيب، وقد توارثنا جيلا بعد جيل من أجدادنا وآبائنا تلك الموروثات التي تعزز من تلاحمنا ووقفنا ضد المعتدي الآثم، فقد جبلنا على التسامح ونبذ الفرقة وتعزيز الوحدة الوطنية ولا فرق بين أبناء هذا الوطن والحمد لله فإن مجالسنا مفتوحة نتبادل بها الآراء والمشورة والزيارات لم تنقطع.
وكان هناك من يراهن على أن هذا العمل الشنيع سيفرق أبناء هذا الوطن ولكن خاب ظنهم وانقلب السحر على الساحر وظهرت الكويت على العالم أجمع بحلتها الجميلة تحت قيادة حكيمة.
لم يتوان صاحب السمو - حفظه الله وأطال بعمره - لحظة واحدة للإطلاع مباشرة على موقع الحدث ليشارك مع أبنائه مواساة الجرحى والترحم على شهداء الوطن، حيث كانت وقفته رسالة واضحة للعالم أجمع بأن هذا الوطن لن يركع للإرهاب وان أبناءه بتكاتفهم سيهزمون تلك الفئة الضالة بمشيئة الله تعالى.
وجاء المشهد الثاني ليبرهن للعالم أجمع على حب أهل الكويت والمقيمين عليها لبعضهم وتفانيهم من أجل المشاركة بالتبرع بالدم حيث غصت المستشفيات بالمواطنين والمقيمين الذين توافدوا من جميع أجزاء الكويت من الجهراء والفحيحيل وجميع المناطق السكنية دون استثناء حتى ان بنك الدم قدم الشكر الجزيل للجميع.
وجاء المشهد الثالث عندما فتحت جميع المستشفيات الخاصة أبوابها لتلقي الجرحى والمصابين فهذا المشهد الإنساني ليؤكد ان أهل الكويت كتلة واحدة وقت الشدائد وان إمكانياتهم رهن المواطنين والمقيمين دون استثناء أو قيد فهنيئا لأهل الكويت تلاحمهم وتآزرهم.
وكان المشهد الرابع عندما هب الجميع من مواطنين ومقيمين للمشاركة في واجب دفن الشهداء، فهذه الصورة المشرفة لتلاحم أبناء الوطن في المقبرة لتؤكد للعالم مضمون هذا الشعب الوفي ذي المعدن النفس وانه لمنظر رهيب بأن يلف حول الشهداء علم الوطن وراية مجده وكبريائه فهؤلاء قدموا أنفسهم من أجل هذا الوطن وان هذا العمل الجبان والذي قام به ذلك الإرهابي الخسيس أبان للعالم أجمع معدن أبناء هذا الوطن الكبير بأبنائه البررة.
أما المشهد السابع فتتجلى عندما هب ابناء الكويت من جميع مشاربهم وعلى رأسهم صاحب السمو بتقديم واجب العزاء لذوي الشهداء وأقاربهم وانها ظاهرة غير مسبوقة حتى امتلأت الشوارع وزاد العدد عن مساحة المسجد الكبير، انها بالفعل صورة ومشهد تقشعر له الأبدان وتسيل له الدموع وتصعب على الحناجر الكلام، هذا المشهد العظيم والدعاء الكبير زلزل تلك الفئة الضالة وأرسل لها رسالات متنوعة بأن هذا الشعب لن يهزم مادامت هذه المشاهد تتلألأ في سماء هذا الشهر الكريم.
وإنها رسالة كبيرة من شعب مسالم قدم العديد من المشاريع الإنسانية والاجتماعية والتنموية والتربوية وغيرها من مشاريع لبلدان العالم أجمع دون كلل وإننا لنفخر بأن العالم أجمع قد منح صاحب السمو الأمير والقائد الحكيم حفظه الله وأطال بعمره لقب قائد الإنسانية.
وتلك المشاهد وغيرها من مشاهد يعجز اللسان عن ذكرها فلولا هذا القائد الحكيم ـ حفظه الله ـ لما تأصلت وازدانت كالدرر في سماء هذا الوطن الغالي وبعد هذا الحادث الأليم الذي راح ضحيته آباؤنا واخواننا وأبناؤنا يجب علينا أن نتلمس الأخطاء أيا كانت وأن نحافظ على هدوئنا ونعزز من وحدتنا الوطنية ويجب علينا ايضا ان نعي جيدا ما يدور حولنا فالعالم أصبح قرية صغيرة ونحن لسنا بعيدين عن دائرة الأحداث فبتلاحمنا وتآزرنا تفويت لفرص الآثمين ومن في جعبتهم، ولا بد
أن نعي أيضا خطورة الوضع الخارجي ولا يستطيع أي من كان أن يعبث بأمننا وتلاحمنا ما دامت وحدتنا الوطنية وتماسكنا الحصن المنيع لنا في وجه الظالمين والآثمين.
حفظ الله الكويت وشعبها وأدام أمنها واستقرارها تحت قيادة صاحب السمو حفظه الله.