فقدت الكويت ابنا من أبنائها البررة والذي قدم العديد من التضحيات وساهم في بطولة باسلة في عجلة التنمية ولم يتوان مطلقا في نداء الواجب حيث قدم نفسه وروحه الطاهرة الى هذا الوطن ليسجل العديد من الانجازات والإبداعات ونال بشرف عال لقب البطولة والأمانة والصدق.
لقد أبكيتنا يا أبا بدر بفراقك وان الموت حق والروح تصعد الى بارئها ونسال الله أن يثبتنا على هذا الفراق وأن يلهم ذويك وأسرتك الكريمة الصبر والسلوان.
تعاملت معك خلال الست عشرة سنة الماضية ولم أجد منك إلا التعامل الراقي لأبنائه وزملائه في العمل.
فقد تعلمت منك العديد من الخصال والتي من أهمها الإتقان في العمل والصبر والأمانة وتقديم يد العون لمن سعى لها، فلك أياد بيضاء في جميع مشاريع الدولة وكنت تعمل على مدار الساعة مع إطلاله الفجر لتبدأ يومك بشمال الكويت لتنتهي مع غروب الشمس في أقصى الجنوب لم يثنك عن عملك اليومي إلا المرض ومع ذلك كنت تدوس على آلامك غير مبال.
خلال الست عشرة سنة الماضية والتي عملت بها معك في العديد من المشاريع كنت لنا نبراسا ونجما ساطعا كان العمل معك يفرغ العديد من الشحنات التي كنا نعايشها فلم يكن للدورة المستندية واقع ملموس حيث كنت ترسم خريطة للطريق بحرفنة لم يسبقك أحد لها. وكان طموحك أن تكون الكويت درة للخليج، وان تسهل على الآخرين مهامهم من أجل الكويت فقط.
ولن أوفيك حقك أيها العملاق أيها الوافي أيها النجم الساطع وان عدوا خصالك فلن يوفوك حقك المتألق.
كنت تقف مع الحق ومع المظلوم على الظالم وكنت تراعي الله في خطواتك، وكنت تحذرنا دوما من التعالي في التعامل ورفع الصوت العالي، وتدعونا الى مخافة الله في العطاء في السر والعلانية.
كنا نلتقي كل يوم أربعاء من الساعة السادسة صباحا لنفطر سويا مع جميع أعضاء اللجنة الثلاثية منذ 10/3/2002 التي كنت أنت رئيسا لها ممثلة من الهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة حيث عملت هذه اللجنة قرابة الستة عشر عاما حيث ضمت لاحقا العديد من الجهات حيث عملت اللجنة بصمت وأنجزت العديد من المشاريع التنموية فعلى سبيل المثال وليس الحصر مشروع تأهيل مردم نفايات القرين حيث قدمت لنا العديد من الآليات لعمليات التأهيل المستمرة.
كما ساهمت مشوراتك وعزيمتك على تأهيل موقع ردم النفايات الخطرة والتي تم تجميعها في أحواض على الكيلو 14 بين طريق ميناء عبدالله/ الوفرة والتي وصلت قرابة الـ 20 مليون جالون هذا المشروع العظيم لولا إمدادك وتشجيعك لنا ووقفتك معنا لما وصل عليه الحال الآن 150.000 شجرة وكمية من السماد الطبيعي بعد معالجة مياه المجاري والصناعي، حيث تكفي تلك الكمية الى تسميد الموقع لمدة العشرين سنة القادمة وبجهود ذاتية من اللجنة التي كنت أنت رئيسا لها.
واما المشروع الاهم والاكبر على مستوى دول الخليج فهو محطة معالجة المياه الصناعية والخطرة على الكيلو 30 طريق الوفرة/ ميناء عبدالله. هذه المحطة والتي تعالج حاليا أكثر من 300 تنكر مياه صناعية ومجاري يوميا وبواقع 5000 متر مكعب (تخيل لو ان تلك المشاريع أعطيت للجهات المعنية والتي تعتمد على الدورة المستندية الحكومية لما رأت النور؟) وبتكلفة بالملايين، فقد قمت بتنفيذ هذا الصرح المتألق خلال فترة قصيرة وإنجاز متين.
كما ساهمت أيها النجم الساطع طيب الله ثراك في مشاريع المحميات الطبيعية في شمال وجنوب الكويت بالإضافة إلى مشروع تسوية المقالع هذا المشروع الذي كنت تقضي به الأيام دون ملل كنت تهيم بالصحاري والوديان ينقطع عنك الماء أحيانا وإرسال الهاتف ولم تبال فكم من مرة قضيت الساعات لتأتيك المساعدة لإصلاح الإطار أو عطل بالسيارة.
حتى مشاريع البحث عن الرمال ومقالع الموارد الطبيعية كنت أنت لها. وأما مشاريع تأهيل المرادم بشكل عام فأنت كنت المعين في إطفاء حرائق مردم الجليب والدائري السابع.
عملت بكل إخلاص وسط الروائح الكريهة والدخان وتصاعد الغازات الخطرة حيث قدمت الآليات وتابعت الخطط حتى تم إخماد تلك الحرائق وتسوية المرادم بالكامل، فذلك الإنجاز الكبير يحسب لك ولفريقك ولحرصك على سلامة البيئة من التلوث.
وعملت المسيجات لحمايتها من العبث والفاسدين ومن الرعي الجائر وفرضت هيبة القانون. ولن أنسى تلك الوقفة الشجاعة معنا عندما طلبنا فزعتكم بعمل مردم خاص للتخلص الامن من الاسبست بصفة مؤقتة وتم الإعلان للجمهور الكريم بتكفل لجنتكم الموقرة بنقل الاسبست من المنازل والمواقف والعمارات الى ذلك الموقع وبعدها عملتم على إيجاد موقع بديل في شمال الكويت.
كما قمت بالتنسيق مع الهيئة العامة للصناعة والبيئة بإلزام المصانع بتركيب وحدات معالجة للمياه الصناعية وبالفعل فقد تم ذلك.
«اللهم اننا نسائلك ان ترحمه وتتقبله وان تجازيه إحسانا وتغفر له وان تدخله فسيح جناتك اللهم آمين». ولن ننسى تلك الجهود الجبارة في البيئة البحرية فهناك العديد من المشاريع الحيوية والتي من أهمها تنظيف عشيريج والسفن المهملة ونقعة الشملان وغيرها من النقع البحرية والمراسي.
معها بالمسطرة وأعادت إلى الدولة هيبتها ولم تفرق بين كبير وصغير، وتعاملت مع التعديات بأسلوب بهر جهات الاختصاص فعملت عن البلدية وأملاك الدولة والداخلية والكهرباء والأشغال العامة حتى وصل الأمر الى انك قمت بأعمال إنشائية حازت الرضا والقبول مثل المساجد والمستشفيات ومراكز الحدود ونظمت الأعمال داخل المنشآت الأمنية والحرفية والخدمية من أهمها مساهمتك في القطاع النفطي مثل البحيرات النفطية والقطاع الحرفي مثل المنشآت الحرفية الصغيرة والصناعي مثل الشعيبة الصناعية والمسيجات مثل السياج الأمني والأسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة، حتى القطاع البحثي مثل معهد الكويت للأبحاث العلمية قدمت له الكثير من المساعدات الفنية حتى آخر مشروع تم تسليمه من قبل لجنتكم الموقرة الى بعض الأبحاث وهو محمية اللياح بعد إنجازها من قبلكم، وجامعة الكويت حيث دعمت العديد من بحوث الماجستير والدراسات العليا، فيكفي ان هناك ستة طلاب نالوا درجة الماجستير لبحوثهم حول معالجة النفايات الصناعية والخطرة في موقع الكيلو 14 طريق الوفرة/ ميناء عبدالله كما خصصت جزءا من الموقع لأبحاث كلية العلوم بجامعة الكويت وكان بتشجيع من قبلكم. والله ان القلم ليعجز عن تسطير إنجازاتكم أيها الفقيد الغالي، أيها النجم الساطع وإن كنت قد رحلت عن هذه الدنيا فأعمالك ستبقى للأجيال القادمة ولنا في سيرة حياتك نبراسا لنا وقدوة لن تتكرر، ولن نوافيك حقك، فأنت في غنى عنا، فكنت ترى ما لا يراه الغير.
هناك العديد والعديد من المشاريع والتي لا يسع الوقت لذكرها، حيث سيظل اسمك خالدا وعزيزا في سماء هذا الوطن العزيز. كما كانت لك مساهمة عظيمة في زراعة المنطقة الفاصلة بين منطقة علي صباح السالم (أم الهيمان) ومصانع منطقة الشعيبة الصناعية حيث تمت زراعة الموقع وتمديد المياه لها بـ 100.000 شجرة لتقليل الانبعاثات من المصانع القريبة.
كما ساهمتم وبإخلاص في إزالة التعديات على أملاك الدولة هذا المشروع الكبير وبفضل من الله تمت إزالة العديد من التعديات الصارخة وعلى جميع الأصعدة والمستويات والتي كان لها الأثر الكبير في عودة وهيبة القانون، ولنا في الشق البيئي وقفة وإعجاب ويكفي عندما أزلتم العديد من المخلفات في منطقة المد والجزر في منطقة عشيريج من رمال وحواجز كونكريتية وتحريك المياه الراكدة والطحالب العالقة والرسوبيات الطينية والقوارب والسفن الخشبية.
وقد ساهمت تلك الإزالة في عودة الحياة الطبيعية وانتعاش البيئة البحرية إلى مجاريها الطبيعية. وكان مقركم في لجنة الإزالات في منطقة جليب الشيوخ رائعا ومتكاملا من جميع الجوانب حيث عملتم بخبرتكم بتجهيز ذلك الموقع من تجهيز، والذي شد انتباه الزائرين هي تلك المعالجة الذاتية لمياه المجاري وتحويلها إلى مياه للري وغسيل الآليات وهذه التجربة الرائعة في تطهير مياه المجاري نالت الإعجاب، وكنت أعمل زيارات ميدانية لطلبة الجامعة والمدارس وكان لها الأثر الطيب في نشر الوعي البيئي.
كما ساهمتم مساهمة فعالة في لجنة مزارع الوفرة وقدمتم العديد من الآليات والأجهزة والمعدات لمساندة الفرق العاملة مع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية.
كما أتذكر ذلك المشروع الحيوي والذي قمتم به مع بداية أعمالكم في إزالة العشيش والبيوت المتهالكة في الجهراء والتي على أثرها قامت الحكومة بإنشاء المساكن عوضا عنها.
أما السور الرابع وحفر ذلك الخندق الطويل فإنه ليجسد لنا حبكم والعطاء اللامتناهي لدولتنا الحبيبة، ويكفي أنكم كنتم تتواجدون بالساعات والأيام والليالي «والله العظيم لن أكفيك حقك من الثناء والدعاء لكم بالرحمة والمغفرة». كما كنت أحد أبطال المقاومة أثناء الغزو العراقي وقدمت العديد من التضحيات من أجل الكويت وترابها.
وكان طريق الأرتال وجهودكم المضنية في تجهيز شعلة من العطاء وحقيقة دامغة لعطائكم، وهاهو الطريق بمنزلة الرئة العملاقة لاستيعاب تلك الآليات الكبيرة واختصارا للوقت، وتقليلا لزحمة المرور.
كما ساهمتم في تجهيز موقع القاعدة البحرية في الجليعة والمراسي البحرية والمدراس.
والمشروع الأهم في نظري تلك الأعمال الكبيرة في إزالة الحضور في مناطق المد والجزر وهي الحاضنة للأسماك واليريقات وبيوض الأسماك، فأعدت إلى السلسلة الغذائية تلك الحيوية والنشاط للثروة السمكية. وساهمتم في بناء المماشي في المناطق السكنية «اليرموك والخالدية» وكانت لكم رؤية جميلة في دعم مشاريع الشباب الصغار من خلال تسوية العديد من المماشي.
كما كان هناك مشروع كبير وذو بعد اجتماعي هائل عندما دعت الحاجة الى تدخلكم في المساعدة في مشكلة مياه المجاري وتعطل محطة مشرف، فكانت لكم إسهامات جبارة في نقل مياه المجاري من المحطة الى محطتي الرقة والعارضية.
إنها أعمال كبيرة وستبقى خالدة كما هي مع ذكراك الخالدة. وتحية وإجلالا للمربية الفاضلة السيدة (أم بدر) لعطائها اللامحدود ووقوفها إلى جانبكم بتلك المسيرة الحافلة بالعطاء والحب والوئام.
وتحية وتقديرا لأسرتكم الكريمة ولأبنائك البررة وأحفادك والذين لا شك انهم سينهلون من ذلك النهر الجاري والأعمال الجليلة، وسيرون اسمكم عاليا في المحافل وورش العمل واللقاءات ايا كان نوعها فأنت هنا وهناك.. وتحية وإجلالا لكل من سار معك على الدرب من نساء ورجال وقدموا التضحيات بتوجيهاتكم وحنانكم الأبوي من أجل الكويت وترابها. والعزاء موصول لمن وقف معك في السراء والضراء.