رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، وألهم عائلتك الكريمة الصبر والسلوان.
تعرفت على الفقيد الغالي منذ خمسين عاما في فريج جبلة (القبلة)، حيث ترعرع المرحوم هناك مع العديد من أهل جبلة بين براحة عباس وفريج بوناشي والمشاري والرويشد والمراغي والحساوي والبحر والبدر وغيرهم الكثير.
كان مولعا بالبحر والحداق والتنقل بين الجزر، وكان ينظر منذ ذلك الوقت البعيد إلى شواطئ البحر والأمواج والتيارات البحرية بنظرة الواثق بأنه يوما ما من الأيام البعيدة والمستقبلية سيحل تلك الألغاز بين سرعة الأمواج وانكسارها وتناغم التيارات وحركة رسوبيات البحر والتغير المستمر بالشواطئ.
برع المرحوم عبدالله الزامل بطلاسم البحار، ومنذ نعومة أظفاره كان يتحدث عن الجزر الكويتية وكيفية تكوينها، وكان يخص بحديثه دائما الجزيرة الكبيرة أو أم الجزر وهي جزيرة بوبيان، تلك الجزيرة الشمالية والتي أثارت انتباهه من حيث تكوينها وروسوبياتها وخيرانها.
وقد أتم المرحوم الزامل دراسة الماجستير في بريطانيا في العام 1983 وفي أرقى الجامعات العالمية (جامعة شيفيلد)، حيث سطر رسالة ماجستير ممتازة عن الرسوبيات البحرية، وفي رسالة الدكتوراه كان جل اهتمامه وطموحه أن يكتب عن جزيرة بوبيان، تلك الجزيرة التي أخذت الكثير من سنوات عمره بالبحث والتنقيب عن أصل الجزيرة وسبب تكوينها وعمرها والتغيرات المورفولوجية التي حدثت بها، ولم أصادف في حياتي العلمية في جامعة الكويت باحثا بهذه الأصالة التي لدى المرحوم الزامل من حيث حب البحث العلمي وتعلقه بالتدريس وقربه من الطلبة.
كان المرحوم يقضي معظم وقته في المختبرات يبحث بين صخور ومكونات الرسوبيات في جزيرة بوبيان، وأكاد أجزم أن المرحوم الزامل كان يعرف خوارير بوبيان شبرا شبرا، وكان يبيت بالجزيرة عدة أيام بالشهر مع بداية كتابة أطروحته للدكتوراه.
وكان المرحوم الزامل من مؤسسي قسم الجيولوجيا مع أ.د.علي الشملان وأ.د.إبراهيم الرفاعي ود.علي المشوط ود.سبيكة العبدالرزاق، أطال الله أعمارهم، والمرحوم د.علي التميمي.
عندما نتحدث عن مشاركته في دعم العملية الأكاديمية في جامعة الكويت لا يمكن أن نوفيه حقه، فكانت إسهاماته دوما محل إعجاب وتقدير وثناء، فقد أسس العديد من برامج الدراسات العليا (الدرجة المشتركة) وشارك في تأسيس برنامج علوم البحار واستحداث العديد من المقررات الجامعية والعليا، وكانت لرحلاته الحقلية مع طلبة القسم إثراء لها وتحقيق للطموحات الطلابية. كما ساهم في العديد من المناصب الإدارية والأكاديمية بجامعة الكويت (رئيس قسم، عميد مساعد، مستشار ثقافي).
وقد ساهم المرحوم في تحقيق التعاون بين قسم الجيولوجيا والعديد من الأقسام العلمية في دول مجلس التعاون وجامعة الدول العربية واليونيسكو، كما كان له تعاون طيب مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وبالأخص مع أ.د.المرحوم عدنان العقيل، وأ.د.علي الشملان ـ مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي سابقا.
ولي وقفة طيبة مع ذلك الرجل السعيد بلقاء رب العالمين المرحوم ـ بإذن الله ـ عبدالله الزامل، ولا يمكن أن أوفيه حقه فقد تتلمذت على يديه، وكان لي رفيقا وصاحبا وأخا كبيرا، وهو الذي أشار علي باستكمال دراستي في أميركا وعلى الأخص في جامعة ساوث كارولينا، وجلس معي الأيام والليالي وهو يدرسني علوم البحار والسواحل.
وكنت أرى فيه أسطورة جيولوجية من بلدي لا يمكن تكرارها في وقتنا الحاضر، كان رمزا وطنيا وكان أكاديميا نباهي به علماء العالم من الجيولوجيين، كان بارعا في علوم البحار والجزر والشواطئ والرسوبيات الحديثة، وقد تتلمذ المرحوم على أيدي علماء البحار في بريطانيا وأميركا، ولم ينس فضلهم عليه، حيث كان يدعوهم ويستقبلهم بالكويت من حين لآخر.
والذي يعرف المرحوم ـ بإذن الله ـ عبدالله الزامل يعرف جيدا أسلوبه الراقي بالتعامل وبعده عن ملوثات الحياة وبريقها، قلبه صاف ويده نظيفة ونظرته ثاقبة. وعلي دين له بأن أجمع أفكاره ورؤياه وتأملاته عن جزيرة بوبيان وأسطرها في كتاب يحمل اسمه بإذن الله تعالى.
اللهم أكرم مثواه وارحمه برحمتك الواسعة وارزقه الجنة وألهم زوجته الكريمة والوفية وابنيه وأسرته الكريمة الصبر والسلوان.