يكثر الحديث هذه الأيام عن تداعيات انخفاض أسعار النفط وكذلك التحولات الكبيرة بالاقتصاد العالمي المتمثل في تعثر الاقتصاد الصيني وتبعات انهيار الاقتصاد اليوناني والانكماش باقتصاديات دول جنوب أميركا وتأثير كل هذه العوامل على اقتصادنا المحلي - ذي المصدر الأوحد «النفط»- وكنتيجة حتمية على بلوغ العجز في ميزانيات دول الخليج مبلغا عظيما، بادرت السعودية والبحرين وقطر الى رفع أسعار المحروقات وكذلك سعت حكومتنا الى جس نبض الشارع فيما يتعلق بنيتها لرفع أسعار الوقود والكهرباء والماء. وما إن نشرت إحدى الصحف تقرير المستشار العالمي «أرنست آند يونغ» حول معالجات اختلال الميزانية وترشيد الدعومات - تصحيح التشوهات الاقتصادية-، حتى تعالت الأصوات الرافضة لمثل هذه الإجراءات الحكومية. ولكن هل أدارت الحكومة عمليات تشكيل الرأي العام بأسلوب احترافي؟ بالطبع لا والدليل أن المواطن لا يعلم لماذا تتجه الحكومة لمثل هذه المعالجات وما يعلمه ان الحكومة مبذرة وغير جادة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية وكذلك مترددة.
اليوم أكتب هذا المقال وأنا على يقين بأنه متى ما تمت توعية المواطنين بالأخطار المستقبلية على الاقتصاد الوطني لمثل هذه السياسات الإنفاقية، فسيكون المواطن مرحبا لكل الإجراءات والمعالجات التي قد تكون مؤلمة نوعا ما، ومن المهم أن تعي الحكومة بانها مطالبة بمعالجة الهدر بالميزانية، ومطالبة بأن تراجع التضخمات المالية في بنود الدعومات التي اعتقد أنها متضخمة بمبلغ يفوق المليار ونصف المليار دينار على الأقل. كما أن الحكومة مطالبة بأن تجعل مستقبل الوطن وأبنائه نصب عينيها بعيدا عن سياسة المجاملات الاجتماعية والمحاباة الطبقية والتنفيع المصلحي التي ستضر بمستقبلنا، كما يجب على الحكومة أن تتخلص من أسلوب الإدارة بالعلاقات والمدارات للخواطر، نعم إن الشأن العام وللأسف يدر وفق نظرية هذا عزيز وهذا غال وهو ما جر علينا حسرة ضياع فرص كثيرة لو تم استغلالها لغاية خدمة الاقتصاد الوطني فقط وليس خدمة تاجر عزيز او وجيه غال لكننا الآن في أفضل حال.
كويت المستقبل التي أتمنى ان أراها يجب ان تسود بها العقلانية والمنطقية بالقرارات والإجراءات والخطط، نعم أنا شاب كويتي من متوسطي الدخل وأقول للحكومة لا تتأخري بالإصلاح ولا يرهبك الاعتراض بل أناشدك ان تعيدي هيكلة الاقتصاد الوطني بأسلوب صحيح بعيدا عن المستشارين الذين عجزوا طول الأربعين عاما الماضية عن تصحيح أي شيء، نحتاج لان يتم تفعيل أدوات التخطيط الاحترافي بعيدا عن المجاملات –للأسف التخطيط يقوده غير المتخصصين-.
نحتاج شفافية ومكاشفة وتوعية وطنية ضمن استراتيجية وطنية تنموية تستهدف خلق مشاريع ذات عوائد مجدية للوطن والمواطن.
وهنا ألفت الانتباه إلى أهمية إعادة النظر في سياسة تصدير النفط الخام، وأدعو الحكومة لدراسة المقترح التالي والمتمثل في استدعاء شركات النفط العالمية للقيام بإنشاء 4 مصاف نفطية عن طريق الشراكة المباشرة مع أصحاب الخبرة العالمية. نحتاج من الحكومة لان تحيي خطط تطوير الجزر وان تعجل مشاريع تطوير وإنشاء الموانئ الوطنية مع أهمية إنشاء مناطق تخزين ومناطق حرة حقيقية - وليس كالمنطقة الحرة التي تحولت بقدرة قادر إلى منطقة تجارية سعى مديروها لاستغلال كل المساحات لإنشاء مبان لشركات خاصة وطنية وانتشرت فيها المقاهي والمطاعم-.
نعم، نحتاج أن تشاركنا الشركات العالمية في إدارة هذه الهيكلة الاقتصادية بعد ان فشلنا في إدارتها على مر كل هذه السنين... كويت المستقبل تتطلب جهد الجميع وتضحياتهم.
الوطن فوق الجميع رددها أهل الكويت المخلصون ونرددها اليوم جميعا الوطن ومستقبله فوق الجميع وأتمنى ان تتم مراجعة كل القوانين ذات التكلفة المالية والتي اقرت منذ العام 2012 وحتى الآن، وحتى الهيئات التي تم انشاؤها حديثا يجب ان تلغى، وان تستمر الوزارات بتحمل أعباء العمل المنوط بها بعيدا عن التنفيع والتضخمات الهيكلية غير المجدية. @dralsharija