منذ أن انتهت عطلة الأعياد الوطنية، وعادت الدراسة إلى أروقة الجامعات وقاعات المدارس، وشوارع الكويت في حالة شلل تام، فالازدحام يكاد يخنق من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، بشكل يتخطى حدود التصور، ويتجاوز سقف الخيال، وقد صار هذا الازدحام على مدار الساعة، صباحا ومساء، وظهرا وعصر، ولا أعلم كيف سيكون الحال بعد أعوام قليلة.
ورغم أننا ليس لدينا في الكويت دراسة علمية متكاملة يمكننا الاعتماد عليها في تحديد مدى الخسائر التي تتكبدها الدولة نتيجة هذا الازدحام، إلا أن آثاره على المواطنين والمقيمين تفوق أي احتمال: فعلى مستوى الصحة يتعرض مستخدمو الطرق لأمراض الضغط والسكري والانهيار العصبي وهم يقضون الساعات عالقين بين بحار هائجة من السيارات، منهم من يفكر فيما سيقوله لرئيسه عن سبب تأخيره المتكرر، ومنهم من يفكر في مصالحه المتعطلة، أو اختباره الذي أوشك موعده.. وهذا بلا شك له خسائر ضخمة على الجميع.
وفي لحظات التوتر الطويلة، لا يخلو الأمر من حوادث كثيرة معظمها تنحصر في الاحتكاكات والضغطات بين السيارات، وهذه خسائر أخرى يتكبدها أصحاب السيارات.
ورغم تفاقم هذه الأزمة، ومع كثرة المقالات والأخبار والندوات حول سبل علاج الازدحام المروري، إلا أن وزارة الداخلية حصرت كل جهودها في تسجيل المخالفات وتركيب الكاميرات، والتعسف مع الوافدين بسحب رخصهم وسياراتهم وإبعاد الكثيرين منهم.. ومع ذلك لم تفلح هذه الأمور في حل الأزمة، لأنها ببساطة حلول ترقيعية بعيدة عن الواقعية والمنطقية.. وهنا نطالب المعنيين في كل الوزارات بالتفكير في حلول جذرية لهذه الأزمة، وسنحاول وضع مجموعة من المقترحات لعلها تجد آذانا مصغية لدى المسؤولين والبحث في إمكانية الاستفادة منها في حل هذه المشكلة المستعصية.
٭ ضرورة تطبيق النقل الجماعي لطلبة المدارس في جميع المراحل باستخدام باصات مريحة وحديثة ونزودها بسائقين مميزين، حتى لا ينفر منها أولادنا.
٭ مواعيد المدارس 7.15 ص فلماذا لا يكون دوام الموظفين من 9 ص حتى نتجنب تكدس الشوارع بسيارات توصيل الطلبة مع الموظفين، وهنا قد نكسب كثيرا، حيث سيكون الموظف قد تناول فطوره في بيته ولن يحتاج لأخذ ساعة ريوق بالدوام، ومن بعدها لا يعمل أكثر من ساعتين ويبدأ الاستعداد لصلاة الظهر وبعدها يبدأ التسرب من العمل ورفض استقبال وتنفيذ معاملات المراجعين.. وهنا إذا كان دوامهم سيمتد إلى الساعة 3.30 ستكون هناك فرصة أطول للعمل.
٭ مداخل ومخارج المناطق تحتاج إلى دراسة لتوسيعها وفتح الجديد منها وكذلك إبعاد مواقع المدارس عنها، لأنها سبب رئيسي في تفاقم الازدحام.
٭ كثير من الجسور تحتاج إلى إعادة تصميم استداراتها ومخارجها بحيث لا تكون الاستدارة في مسافة قصيرة ما يتسبب في تفاقم الازدحام في الاتجاهين، ولابد من عمل جسور لدخول الشوارع الفرعية للحد من الازدحام على الطرق الرئيسية.
٭ تفعيل دور رجال المرور، بحيث يتم التركيز على تيسير وتسهيل السير وليس إعاقته.
٭ ضرورة الحد من هذا العدد الكبير من "سيارات التاكسي"، وزيادة خطوط النقل الجماعي.
٭ وضع آلية للتعامل مع الحوادث ورفع السيارات المتصادمة سريعا.
٭ توفير مكاتب خدمة داخل الوزارات تعمل خلال الفترة المسائية لاستقبال معاملات المراجعين وتسليم المنجز منها.
وأخيرا على مستخدمي الطرق أن يعلموا جيدا أن القيادة فن وأخلاق، وإذا ما جمعنا بين الأمرين تمكنا من تجاوز نسبة كبيرة من الأزمة.. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
[email protected]
@mmaldgaini