لا شك أن جودة الخدمات الصحية في أي دولة تعكس مدى تقدم ورقي هذه الدولة، وحرصها على تحقيق التنمية من بابها الواسع عبر الاستثمار في أبنائها، ثم النظر بعد ذلك في المجالات الاقتصادية المختلفة.
في الأيام الماضية ظهرت طوابير الوافدين لمسافات طويلة، ونقلت تغطيات الصحف كيف قضى بعضهم ليلته أمام مراكز الضمان الصحي لدفع قيمة هذا الضمان كخطوة رئيسية لتجديد إقاماتهم.. وللأسف تعد هذه الصورة السيئة نقطة سلبية في حق الكويت باعتبارها مركز العمل الإنساني، كما انها تنم عن التخبط وعدم التخطيط السليم في وزارة الصحة.
إن الأعداد الغفيرة من الوافدين يجب ألا تكون عبئا على اقتصادنا أو مؤسساتنا الصحية، لكننا فقط نحتاج الى رؤية سديدة تستطيع استثمار عوائد الخدمات الصحية المقدمة لهؤلاء الوافدين بشكل سليم.
إننا بحسبة بسيطة، وعلى افتراض ان عدد الوافدين يصل إلى أكثر من مليوني وافد، يدفع كل منهم 50 دينارا للتأمين الصحي عن كل عام فإن المبلغ الإجمالي هو 100 مليون دينار سنويا، هذا بخلاف ما يدفعه الوافدون عند مراجعة المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، والسؤال هنا: ألا يكفي هذا المبلغ لإنشاء مستشفى كبير خاص للوافدين يستوعب أعدادهم ويقدم الخدمة الصحية المناسبة لهم؟! وفي الوقت ذاته، نعزز من الخدمات الصحية في مستشفياتنا الحالية لتقديم خدمة مميزة للمواطنين بدلا من مواعيد العيادات الخارجية التي تمتد الى أسابيع وشهور، بينما مواعيد المناظير والإشاعات لا تضع في حساباتها آلام المريض، أو النتائج العكسية التي قد تحدث نتيجة تأخر إجرائها.
نظرة سريعة سنضع مسؤولينا أمام حقائق مرعبة، فمستشفى العدان الذي مضى على إنشائه اكثر من 30 عاما لخدمة بضعة آلاف، أصبح الآن مطالبا بتقديم الرعاية لأكثر من مليون نسمة، ومستشفى الفروانية ملزم برعاية أكثر من مليون ونصف المليون، وعلى المعيار نفسه يأتي مستشفى مبارك ومستشفى الجهراء وغيرها من المستشفيات في منطقة الصباح!
المواطن عندما تضطره حالته إلى مراجعة المستشفى عليه أن يتحمل الألم ويتفاقم عليه المرض حتى يأتي دوره، وإلا فليتجه إلى القطاع الصحي الخاص ليمتص مدخراته دون حسيب أو رقيب، أما إذا كانت حالته تستدعي السفر للخارج فلابد أن يبحث أولا عن الوساطات ويتحمل مأساة الإجراءات بينما يحصل غيره على سفرات سياحية لأنهم من أهل الحظوة!
الملف الصحي شائك ومتعدد الجوانب، وبما أننا تطرقنا إليه في هذا المقال، فلابد أن نعرج على الهدر المستمر عبر صرف الأدوية، فهناك من يستغل الرعاية الطبية والحصول على كميات كبيرة من الأدوية ليقوم ببيعها الى الصيدليات الخارجية، فهل مسؤولو الصحة غائبون عن هذا الأمر؟! ألم ينتبهوا الى ان ملف الأدوية صار تجارة رابحة لبعض ضعاف النفوس من الوافدين؟!
[email protected]
Mmaldgaini@