نعيش هذه الأيام أجواء العرس الانتخابي لاختيار أعضاء المجلس البلدي للدورة المقبلة، ولم تتبق إلا أيام على موعد الاقتراع المقرر له يوم 12 مايو، وفي الوقت ذاته نجد أننا أمام صورة ضبابية للمشهد السياسي فيما يتعلق بالعلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في ظل الاستجوابات المتتالية خلال الفترة الماضية.
ويرى كثير من المراقبين والمتابعين أن حالة الصدام بين السلطتين تضعنا أمام تغيير محتمل في المشهد السياسي، قد يكون بحل مجلس الأمة، أو إجراء تغييرات واسعة وكبيرة في الحكومة.
وهذا التغيير لا شك أنه سيكون إيجابيا مادام يستهدف تحريك عملية التنمية والدفع بشكل فعال في اتجاه القضاء على الفساد وتعزيز دور أصحاب الكفاءات للنهوض بمستقبل الكويت.
وفي هذه الفترة، يبرز مجددا على السطح مصطلح المال السياسي ودوره في التأثير السلبي على الأهداف النبيلة والطموحات الكبيرة سواء فيما يتعلق بمستقبل المجلس البلدي أو مجلس الأمة أو حتى السلطة التنفيذية بمختلف فئاتها ودرجاتها الوظيفية في كل المواقع والمؤسسات الحكومية.
المال السياسي يعرف بأنه أي مبالغ تدفع لمصلحة السياسة، سواء لجهات خارجية أو أطراف داخلية، وسبق أن أثيرت الكثير من الحكايات عن إيداعات وشراء ذمم واستقالات في الحكومة، وهذه الأمور ليست موضوعنا اليوم لأنها معروفة للملأ، ويصعب تغييرها، أما ما يهمنا فهو كيف نتجنب تكرارها، في وطن نسعى لأن تترسخ فيه القيم وتسود العدالة لنضمن مستقبلا مزدهرا لوطننا وأبنائنا.
إذا أمعنا التفكير ودققنا النظر فسنجد أن المال السياسي ليس ملكا للحكومة لتتصرف فيه كيفما تشاء، بل هو مال عام يفترض أن له حرمته، فلماذا مع كل انتخابات نسمع عن تدخل الحكومة فيها بشكل أو بآخر عبر دعم هذا وإثارة الشبهات حول ذاك؟! هل هي عاجزة عن مواجهة خيارات الشعب؟! أليس الأجدر بها التركيز على تطوير الخدمات والمرافق العامة في مختلف المجالات والمناطق، بدلا من سعيها لشراء ذمم والالتفاف على خيارات الناس؟!
الغريب أن بعض الناس تقبض من أطراف متنفذة مبالغ ضخمة وتحصل على وعود حالمة كي تخوض الانتخابات، ليس بهدف العطاء والإنجاز، بل سعيا لإسقاط منافس من المقربين له حتى ولو كان من أصحاب الكفاءة والخبرة ومن المشهود لهم بالتفاني والإخلاص.. فإلى متى وجيل الشباب يتراجع بكل أسف إلى العصر الجاهلي، ويركض وراء أفكار قبلية وعصبية وطائفية وحزبية؟!
لا يهمنا هنا من دفع ومن قبض، بل يهمنا ما يحدث من التفاف تحت مظلة قبلية أو حزبية أو طائفية، ووصول شخص لا يستحق إلى الكرسي، والنتيجة بعد ذلك بالطبع تكون معروفة للجميع، وهي سعي ذلك الشخص للتربح من كل المواقف على حساب هذا الوطن، دون وازع من دين أو ضمير.
أمام هذه الصورة القاتمة التي نتحمل جميعا ثمنها بتأخر بلدنا وتردي خدماته، فإن أكثر ما نعول عليه هو وعي الشعب، فإذا كنا نتمنى بلدا أجمل فعلينا أن نفشل هذه الطريقة الرخيصة لشراء الولاءات، وألا نسمح بالتدخل في تغيير إرادة الشعب والتأثير في انتقاء من يمثله ويشرع ويراقب عنه.
أحسنوا اختيار من يمثلكم، وتذكروا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
mmaldgaini@
[email protected]