حتى سنوات قليلة مضت ارتبط اسم قطاع الأمن الجنائي بالخوف، فما ان يتلقى اي مواطن او مقيم اتصالا هاتفيا بأنه مطلوب للحضور حتى يرتعد خوفا، ولو كان الموعد في اليوم التالي ظل بلا نوم خوفا مما سيحدث له او ان يجبر على الادلاء باعترافات بعينها، واذا احيل من المباحث الى النيابة وتراجع عن اقواله يخشى مما سيحدث له عقب العودة، لن اسهب اكثر من ذلك لأن الجميع يعلم ماذا كان يحدث لكل من يدخل الأمن الجنائي، والضرب أقل ما يحدث.
القاعدة القانونية «المتهم بريء حتى تثبت إدانته والإدانة من قبل القضاء وليس جهة التحقيق، وبالتالي فإن الدستور خول جهة التحقيق مهام دون غيرها ومسؤوليات ليس من بينها الحصول على اعترافات محددة وبالتالي فإن اي شخص يتوجه سواء ضبط او استدعي واجب ان يتم التعامل معه من منطلق انه بريء وليس مدانا حتى في قضايا مرتبطة بحيازة مخدرات، فربما يكون الشخص المتهم ضحية لآخرين او تكون المخدرات وضعت في منزله او سيارته بهدف توريطه في قضية ما .. الخ.
حينما كنت اسمع عن تجاوزات في قطاع الأمن الجنائي اشفق على من يصدر عنه اي عنف او سواء معاملة، والاشفاق كان ينبع من ان هذا الضباط او ضابط الصف غير كفؤ وغير ذكي لأنه لو كانت لديه مقومات ضباط المباحث لتحصل على كل الادلة ووضع المشتبه به امام حقائق لا يجد مجالا إلا الاعتراف وحتى ولو انكر تكون الادلة كافية للإدانة ولنيل ما يستحقه من عقاب، وهذا هو الذكاء والنهج الذي يتبعه الضباط الاكفاء، فالعنف هو وسيلة الضعفاء ومن لا يمتلكون حجة قوية، في الدول الغربية مثل هذه الاساليب انتهت من عقود ولكن ظل العنف والترهيب والتخويف هو سلاح العديد من العاملين في قطاع الأمن الجنائي بأغلب الدول العربية.
السوال المهم: هل لا تزال هذه الاساليب قائمة؟ أستطيع ان اقول بأمانة واستنادا الى شواهد عديدة جدا لا أفضّل سردها، بأن العهد الجديد القائم حاليا يختلف جذريا واصبح معيار الذكاء والحرفية واعلاء العلم هو الفيصل في التحقيقات بلا عنف.
من الموكد ان استبدال سياسة العنف بالذكاء يحتاج الى جهد، فكل الشكر للجندي المجهول الذي غير مسار وزارة الداخلية للأفضل وكيل وزارة الداخلية الفريق عصام النهام وإلى اللواء محمد الشرهان الوكيل المساعد للأمن الجنائي على تحقيق هذا النهج العلمي في التحقيق، وكل الشكر الى مساعد مدير عام مباحث السلاح العقيد فيصل العجمي لأدائه الفائق وحسن ادارته وتعامله فقد اذهلني عندما راجعته لتجديد رخصه سلاح الصيد الخاص بي بترحيبه ومعاملته دون ان اعرفه او يعرفني انا وغيري من المراجعين فعلا انهم واجهة مشرفة للإدارة واشكر أخي اللواء طلال معرفي وكيل المؤسسات الإصلاحية ومدير عام تنفيذ الأحكام العميد ناصر اليحيى على تطبيقهم القانون دون تردد، اسأل الله لهم التوفيق لما يحب ويرضي.
[email protected]