عندما قامت ثورة 25 يناير رفع الثوار شعار «الشعب يريد اسقاط النظام» وشاهدنا وشاهد العالم اجمع المصريين بكل طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم السياسية يدا بيد في وجه طغيان حكم المخلوع مبارك وعصابته، وسقط النظام سقوطا مدويا الا ان اذنابه من فلول الحزب الوطني لم يستسلموا فعاثوا في الارض فسادا في احداث موقعة الجمل وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وستاد بورسعيد، فقتلوا وذبحوا من الثوار عددا غير قليل.
وبتتبع كل هذه المذابح يتبين ان وراءها البلطجية الذين جندهم فلول الحزب الوطني لضرب الثورة واجهاضها، كل هذا على مسمع ومرأى من المجلس العسكري الذي ظل طوال الفترة الانتقالية يدعي البلاهة وأنه لا يعرف من الذي ينفذ هذه المذابح.
وعندما جاء الاعلان عن بدء الانتخابات الرئاسية، فوجئنا بأن اللواء عمر سليمان والفريق احمد شفيق قد رشحا نفسيهما لانتخابات الرئاسة، والجميع يعلم من هما عمر سليمان وأحمد شفيق، فالاول هو من تم اختياره من قبل الرئيس المخلوع ليكون نائبا له عندما قامت الثورة والثاني هو من وثق به ليشكل اول وزارة بعد ثورة يناير.
وعندما تم استبعاد عمر سليمان من الانتخابات الرئاسية وبقي احمد شفيق قلنا ان فرصه ضعيفة للحصول على نسبة كبيرة من اصوات المصريين الذين قاموا بهذه الثورة العظيمة، الا ان المفاجأة الكبرى كانت في حصول شفيق على اكثر من خمسة ملايين صوت انتخابي، وقد كانت هذه النتيجة كافية لتضع شفيق في منافسة اخيرة على المنصب مع مرشح الاخوان المسلمين د.محمد مرسي.
ولن اتكلم عن اداء الاخوان في مجلس الشعب او عن سلبياتهم في التصريحات التي ادلوا بها هنا وهناك، ولكنني سأتكلم عن احمد شفيق رفيق المخلوع وصديقه ورجله الذي اختاره ليكون منقذه عندما بدأ يترنح ويسقط، فأحمد شفيق لو نجح في الانتخابات الرئاسية ـ لا قدر الله ـ سيكون اول همه التخلص من معارضيه، فهذه هي سياسة النظام السابق التي عهدناها على مدى ستة عقود.
وسيبدأ شفيق بالتخلص من المحللين السياسيين الذين ظلوا يطعنون في نظام الحكم البائد والذين وضعوا اللبنة الاولى لثورة 25 يناير، كما سيتخلص من اصحاب الفكر المناهض لنظام مبارك وسيعلي من شأن كل المحللين الذين طعنوا في الثورة والثوار وسيقربهم ويثني عليهم ويهبهم المراكز المهمة بالدولة وتعود مصر كما كانت ايام مبارك وأسوأ.
لقد اصبح المصريون اليوم امام احد خيارين، اما عودة نظام مبارك من خلال احمد شفيق واما تجربة نظام جديد لم يصل بعد الى السلطة التنفيذية من خلال د.محمد مرسي مرشح الاخوان المسلمين، وكلما تحدثت الى احد الشباب سمعت نفس الالفاظ ونفس الآراء التي تطعن في الاخوان المسلمين، سواء كان من اقباط مصر او من المسلمين، فالكل يقول ان الاخوان سيفعلون كذا وكذا ولن يتركوا السلطة ولا «بالطبل البلدي» وأنهم سيحولون البلد الى افغانستان او ايران، وما الى ذلك من الآراء العجيبة التي ما انزل الله بها من سلطان.
وعندما تطلب منهم دليلا على ما يقولون تجدهم يتخبطون لأننا نتكلم عن المستقبل ولا يعلم المستقبل الا الله، واذا سألتهم كيف عرفت ان الاخوان سيفعلون كذا وكذا يقولون لك: نحن نعرفهم، وكأن الاخوان حكموا مصر من قبل وأساءوا في الحكم ونحن لا نعلم.
ان كل هذه الآراء تصب بلا ادنى شك في مصلحة احمد شفيق وهم لا يشعرون، لقد فرح المصريون بالثورة عندما هبت، ولم يغضب منها الا الفلول الذين افل نجمهم ولم تعد لديهم تلك السطوة التي كانوا يمتلكونها وتلك الحظوة التي كانت لديهم، حيث كانت مصر بكل ثرواتها ومؤسساتها ترزح تحت سطوتهم ولا يجرؤ احد على الخروج على منهجهم المتسلط.
كلمة اخيرة لكل ذي ضمير حي ولكل شاب خرج يوم 25 يناير مطالبا باسقاط النظام والى كل مصري يحب مصر بحق ادعوهم ان يراجعوا انفسهم قبل ان يصوتوا لاحمد شفيق وهذا ليس حبا في محمد مرسي او الاخوان المسلمين وإنما دعما لثورة 25 يناير ولدماء شهداء الثورة ومن اجل عيون مصر، والا فلنترحم على الثورة وعلى الثوار.
[email protected]