الآن، وبعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر نجاح د. محمد مرسي، يمكن للمصريين أن يتنفسوا الصعداء ويستعدوا للتنمية الحقيقية التي حرمنا منها على مدى ستين عاما هي عمر الحكم العسكري في مصر.
ولو كنت مكان د.مرسي لكان أول قرار أتخذه، بمساعدة وتأييد الثوار وجميع القوى السياسية التي أنجحت الثورة، هو إلغاء كل ما اتخذه المجلس العسكري من قرارات سلبية تضر بالثورة والثوار خلال المرحلة الانتقالية التي حكم فيها البلاد بنفس منهج الرئيس السابق مبارك.
فقد آن الأوان أن تنسى مصر الماضي بحلوه ومره وأن تبدأ العمل على إنجاح الثورة بتعاون كل القوى الوطنية في سبيل الخروج بمصر من النفق المظلم الذي أدخلنا فيه المجلس العسكري منذ قيام الثورة وحتى اليوم.
جاء الوقت لكي يسيطر الوطنيون المخلصون على مقدرات البلاد والعباد بدلا من عصابة اللصوص التي عاثت في الأرض فسادا على مدى سنوات طويلة ولم يردعها وازع من دين أو ضمير. وآن الأوان لوضع بقية عصابة مبارك في السجن بجوار سيدهم المخلوع الذي مازال يعامل كرئيس دولة وليس كمجرم أدانته المحكمة وحكمت بحبسه مؤبدا.
ولا يفوتني اليوم، وأنا أرى النخبة السياسية بكل أطيافها وهي تمد يدها للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية مبدية التعاون معه، أن أنبه الجميع إلى أن المرحلة القادمة تتطلب التعاون والعمل الجماعي للخروج بمصر من مرحلة الركود السياسي والاقتصادي إلى مرحلة التنمية وتطبيق الديموقراطية وتأصيل المعنى الحقيقي لحقوق الإنسان المصري الذي غاب بسبب حكم العسكر.
وأدعو الجميع إلى الصبر والانتظار وعدم الوقوف بالمرصاد لكل قرار تتخذه القيادة الجديدة لأننا نتوقع بعض المثالب والعيوب في إدارة البلاد ولكنها ستكون عيوبا بسيطة بسبب قلة الخبرة في العمل التنفيذي بالدولة ويمكن التغلب عليها بسهولة من خلال المراجعة المستمرة وعدم الانفراد باتخاذ القرار.
وأرجو وأناشد أولئك الذين عملوا مع النظام السابق وحاربوا بكل طاقاتهم لإعادة هذا النظام للحكم مرة أخرى، إن كان لمصر في قلوبهم أي قدر من الحب والإخلاص، أن يتوقفوا عن الغمز واللمز وإثارة الحقد والضغينة بين الشعب وحكامه الجدد وأن يتركوا طاقم الحكم الجديد يعمل بهدوء حتى تخرج مصر من كبوتها وتلحق بالدول المتقدمة، فهي أهل لذلك بإذن الله.
وأدعو القيادة الجديدة إلى تجنب الصدام مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة التي تقف بالمرصاد لكل محاولة جادة للخروج بالدول العربية من محنتها السياسية والاقتصادية حتى تنعم إسرائيل بالأمن والأمان رغم أن دول الغرب تعلم أن إسرائيل دولة معتدية ومغتصبة لأرض ليست أرضها، إلا أن الحسابات السياسية في هذا العالم مختلة إلى درجة كبيرة.
وأنصح القادة الجدد بالاهتمام بالتنمية الاقتصادية وتطوير الأداء الحكومي حتى نتخلص من بيروقراطية الحكم البائد الذي جثم فوق صدورنا لسنوات طويلة. وأدعوهم لتطوير القوات المسلحة ولاسيما القوات البحرية والدفاع الجوي لتضاهي التفوق العسكري الجوي والبحري الأميركي والإسرائيلي.
وأخيرا علينا أن نراقب عن كثب أداء القيادة الجديدة فنقول لها «أحسنت» إذا أحسنت ونقول لها «أسأت» ونقومها إذا أساءت ولم تصحح أخطاءها. ولنتركهم لفترة مناسبة يعملون بلا ضغوط حتى نتبين ما إذا كانوا يسيرون على الطريق الذي وعدوا به أم لا. فإن أوفوا بوعودهم فستكون لهم الغلبة وإذا لم يوفوا بوعودهم فلن يقف المصريون موقف المتفرج، بل سيخرجون إلى ميدان التحرير من جديد للمطالبة بالتصحيح. فالثورة لن تخبو ولن ينطفئ وهجها بل هي مستمرة إلى أن يصل إلى الحكم من يحقق طموحات المصريين.
[email protected]