نشرت بعض المواقع الإلكترونية مؤخرا أن الباحثين الاستراتيجيين في معاهد الأبحاث الإسرائيلية منشغلون في الشهور الأخيرة بتحليل التطورات في مصر بعد فوز الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة، وقبل ذلك في انتخابات مجلس الشعب، ويخرجون باستنتاجات بعيدة المدى، منها الحديث عن إمكانية إعادة احتلال أجزاء من سيناء لمنع تنظيمات الإرهاب من تنفيذ عمليات على الجانب الإسرائيلي من الحدود.
فقد نشر مركز «بيغن ـ السادات» للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار إيلان دراسة تحت عنوان «الثورات العربية 2011 والأمن القومي الإسرائيلي»، جاء فيها أن الثورة المصرية بجانب الثورات العربية وإيران خلقت وضعا أمنيا هو الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل منذ نهاية الحرب الباردة، وأن الجو الأمني في إسرائيل هو الأسوأ الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى من العقدين الماضيين، وقالت الدراسة التي أعدها مدير المركز إن إسرائيل «ستضطر في ظل ظروف معينة إلى استعادة أجزاء من شبه جزيرة سيناء في ظل حكم الرئيس المصري الجديد، د. محمد مرسي، في حال استمر تدهور الوضع الأمني هناك بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك.
وهنا يأتي التساؤل الذي طرحناه من قبل عدة مرات: لماذا لم يترك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشؤون السياسية ويتفرغ للاستعداد للعدو المتربص بمصر؟ لماذا لا يفيق هؤلاء القادة العسكريون من نشوة السلطة والحكم وينتبهوا للخطر الذي يهدد مصر؟ لماذا يصر المجلس على دس أنفه في السياسة وترك حدود مصر مع إسرائيل مكشوفة وسيناء التي تمثل ثلث مساحة مصر بلا تأمين؟
لو كنت مكان د.محمد مرسي، بعد أن أصبح بالفعل رئيسا لمصر، لبادرت بإعطاء أوامر فورية بعودة قادة القوات المسلحة إلى أعمالهم والتفرغ للدفاع عن أرض مصر المهددة بالاحتلال من قبل العدو الصهيوني، ولأمرت بزيادة ميزانية وزارة الدفاع حتى تتمكن الوزارة من الاستعداد لمثل هذا اليوم الذي قد تضطر مصر إليه وتدفع إليه دفعا بسبب غطرسة العدو الصهيوني.
نحن لن نكون دولة معتدية ولن نبادر بالهجوم على إسرائيل في الوقت الراهن ولكن أضعف الإيمان أن نكون مستعدين لصد أي هجوم يأتينا من الصهاينة الملاعين، وما دام حضرات السادة القادة العسكريين منغمسين في تقسيم الغنائم ويحاولون السيطرة على مصر سياسيا وعسكريا ويهددون الرئيس الجديد الذي اختاره الشعب في انتخابات حرة نزيهة لم تحدث في تاريخ مصر، فلابد للرئيس الجديد أن ينتزع صلاحياته بالقوة ولابد أن يثبت لمصر والمصريين أنه بالفعل قادر على قيادة هذا البلد إلى بر الأمان.
ولن يستطيع مرسي أن يقود مصر إلى بر الأمان إلا إذا كان حازما وحاسما مع هؤلاء الذين يريدون عرقلة مسيرة مصر إلى الأمام ولا يهمهم إلا طموحاتهم الخاصة ولو على حساب البلد والشعب. وأنصح د.مرسي بأن يصدر قرارا جمهوريا بإقصاء كل من يعارض سياسته من العسكريين بعد أن أصبحت مصر دولة مدنية يحكمها رئيس مدني.
وعليه أن يصدر قرارا جمهوريا بإلغاء كل قرار أو إعلان دستوري تم اتخاذه من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار البلاد خلال المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، واعتقد أن الرئيس المنتخب لديه الصلاحيات لإصدار مثل هذه القرارات لأن شرعية وجوده في القصر الرئاسي جاءت من ميدان التحرير وليست من المجلس العسكري أو غيره.
فلماذا لا يبادر الرئيس مرسي إلى الإطاحة بهؤلاء القوم الذين تحكمهم الأنانية وحب الذات ولا تهمهم مصر من قريب ولا من بعيد؟ وباستطاعته أن يفعل هذا من خلال ميدان التحرير والثوار لأنه مدعوم بهم وإلا فسوف يندم الشعب الذي اختاره ووثق به وائتمنه على مصر.
[email protected]