احتار قلمي في يدي وأنا أبدأ مقالي هذا ويكاد يسألني: من أين أبدأ؟ وكيف أنتهي؟ فموضوع حديثي اليوم إلى قرائي الأعزاء يتعلق بالفضائيات المشبوهة التي ملأت الدنيا صراخا وعويلا وحزنا على النظام البائد الذي كنا نصلي وندعو الله عز وجل أن يخلصنا منه إلى الأبد. وعندما استجاب الله لدعائنا وقامت ثورة 25 يناير المباركة وتنفسنا الصعداء بأن الله قد منّ علينا أخيرا بالحرية، وجدنا هذه القنوات بالمرصاد للثورة والثوار وللرئيس المنتخب وكأنهم يريدون العودة بنا إلى الوراء.
ولست هنا بصدد تسمية قناة بعينها ولكنكم تعرفون هذه القنوات بالاسم وتعرفون أصحابها جيدا وتعرفون أيضا ضيوفهم الذين يتشدقون دائما بدفاعهم عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في وقت فقدت فيه مصر كل شعور بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان لأن من حكموها على مدى ستين عاما حكموها بالحديد والنار ونهبوا ثرواتها وأذلوا أهلها ولم يراعوا دينا أو ضميرا أو أي نوع من الأخلاق.
وجميعنا يعرف كيف استطاع أصحاب هذه الفضائيات جمع ملياراتهم المريبة في وقت قياسي عندما كان متر الأرض يباع بمبالغ تصل إلى مائة أو مائتي جنيه مصري في حين قامت عصابة مبارك التي كانت منتشرة في ربوع مصر ببيع هذه الأرض بقروش معدودة لأقاربهم وأصفيائهم مما أدى إلى انتفاخ ثروات هؤلاء اللصوص في وقت قصير وبالتالي أصبحوا من الصفوة الحاكمة التي تصفق وتهلل لمن صنعوهم.
وقد تفتقت أذهان أفراد هذه العصابة إلى فكرة إنشاء قنوات فضائية للتسبيح بحمد من جعلهم من أصحاب المليارات في زمن يبيت فيه كثير من المصريين وبطونهم خاوية ولا يعرفون ما سيأكلون في اليوم التالي. ومنهم من كان يبحث عن طعامه وطعام أولاده في حاويات القمامة، بالإضافة إلى أطفال الشوارع الذين تحولوا مع الوقت إلى بلطجية يرتكبون كل الموبقات لمن يدفع لهم.
واستطاعت هذه الفضائيات مع مرور الوقت أن تجذب عددا من المشاهدين السذج الذين يفرحون بأنهم يشاهدون التلفزيون ويتابعون البرامج ويستطيع أحدهم أن يقوم بالاتصال بمذيع القناة ويقوم بعمل مداخلة مع المذيع أو الضيوف. وحصيلة كل هذا أن نجد اليوم وبعد نجاح ثورة 25 يناير وبداية حصد ثمارها نجد أصحاب هذه الفضائيات يتعمدون تشويه صورة الرئيس محمد مرسي ببرامجهم الموجهة ضده بشكل فاضح ومثير للاشمئزاز.
فالجميع يعلم أن هذه الخطة الممنهجة لتشويه الرئيس المنتخب ليست سوى محاولة أخيرة منهم لضرب الثورة وما أسفرت عنه من انتخاب رجل ليس من طينتهم ولا من عصابتهم ويصور لهم خيالهم المريض أن الرئيس الذي جاء من الإخوان المسلمين الذين اكتووا بنار ظلمهم طوال ستة عقود لن يرحمهم وسوف يلقي بهم في غياهب السجون بدون محاكمات.
لو كان الرئيس الجديد لديه هذه النية لما تردد في تنفيذها فور تسلمه للرئاسة ولجعلهم عبرة لمن يعتبر ولكن الرجل قال إنه مسامح في حقه الشخصي كما أن الإخوان المسلمين مسامحون في حقهم، ولكنه أكد على أنه لن يسامح في حق شهداء ومصابي الثورة لأن هذا ليس من حقه.
ومن هنا أناشد الرئيس محمد مرسي اليوم وقبل أن يستأسد هؤلاء ويستفحل أمرهم بحجة أن الرئيس وعد بإطلاق حرية الرأي وأنه لن يكسر قلما يكتب بحرية ولن يحجر على حرية الصحافة والإعلام، أقول أناشده أن يأمر بتفعيل قانون «من أين لك هذا؟» الذي صدر ولم يفعل حتى اليوم. إن تفعيل هذا القانون سيجعل كل المصريين يكشفون هذه العصابة من اللصوص الذين سلبوا ونهبوا وأفسدوا ولم يحاسبهم أحد.
أناشد الرئيس أن يتخلص من هؤلاء اللصوص قبل أن تصيب سهامهم المسمومة قلوب المخلصين من أبناء هذا الوطن. أناشده أن يأمر النائب العام بأن يصدر أمر منع سفر ضد هؤلاء المفسدين الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر على مدى ستين عاما ولا يطلق سراحهم إلا إذا ثبتت براءتهم. فهل يستجيب الرئيس؟
[email protected]