علت نبرة الانتقاد للرئيس محمد مرسي كالعادة بعد قراره الشجاع بإقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان والذي طالبنا به منذ أن أعلنت نتائج انتخابات الرئاسة بأن يتم إحالة أعضاء المجلس العسكري إلى المعاش ومحاكمة من تحوم حولهم الشبهات.
وكلما تحدثت إلى أحد المنتقدين لقرار الرئيس أجدهم يكررون نفس المهاترات مؤكدين أن مصر خسرت بفقد مثل هؤلاء الخبراء العسكريين وما إلى ذلك من آراء لا تنم إلا عن جهل وقلة وعي وسقوط في وحل عبادة الأشخاص الذي أحاط بالمصريين منذ يوليو 52 وحتى 25 يناير.
وآخرون يتشدقون بالقول إن الرئيس مرسي يريد أن يأتي بكل مساعديه من الإخوان المسلمين وهذا الرأي أيضا مردود عليه بأن القانون العسكري لا يسمح لأي ضابط بالقوات المسلحة أن يشتغل بالسياسة أو ينتمي إلى الأحزاب السياسية أو الإدلاء بصوته في انتخابات عامة أو حتى الجلوس مع أناس يتكلمون في السياسة. فكيف يدعي هؤلاء أن من أتى بهم الرئيس هم من جماعة الإخوان المسلمين؟
وحتى إذا أتى الرئيس مرسي بمساعدين من الإخوان فما العيب في ذلك؟ إن الإخوان المسلمين هم جزء لا يتجزأ من شعب مصر وهم سياسيون مخضرمون عاشوا وأفنوا أعمارهم في خدمة مصر والمصريين وفي نشر دعوتهم التي لا يشك أحد في أنها دعوة صادقة تعمل لصالح مصر وهي الدعوة التي امتدت لأكثر من ثمانين عاما ولم يفتر حماس الإخوان في إيصالها للناس رغم ما عانوه من اضطهاد وتعذيب وتقتيل.
وما العيب في أن نترك الإخوان المسلمين يحكمون مصر بكل ما لديهم من أفكار وبرامج؟ فإذا أحسنوا قلنا لهم أحسنتم ونعيد انتخابهم مرة ثانية وثالثة حتى يستكملوا ما بدأوه، وإن أساءوا قلنا لهم شكرا وجئنا من خلال الانتخابات الحرة بغيرهم عسى أن يكون لديهم برنامج أفضل. ألم نترك النظام العسكري يحكم مصر ستين عاما ولم يتم إنجاز شيء محترم ينسب لهم خلال كل هذه السنوات ويمكن اعتباره إنجازا ضخما؟
الغريب فيمن ينتقدون قرارات الرئيس أن كثيرا منهم يدعون أنهم منتمون للثورة ويريدون لمصر الخير. أي خير يمكن أن يعم على مصر وهم مصرون على الإبقاء على بعض القيادات السابقة ممن خدموا جل أعمارهم في نظام تخلله الفساد حتى النخاع؟
ولماذا هذا التمسك الغريب بأناس وصل عمر بعضهم إلى الثمانين واقترب البعض من هذا العمر إلا أن المصريين للأسف أصبحوا يعشقون عبادة الحكام ولديهم إحساس غريب بأن من وصل إلى منصب سياسي أو عسكري يجب ألا يتركه إلا بالموت. رغم أن العالم اليوم مفتوح من خلال الإنترنت ويمكن لكل شخص أن يطلع على ما يجري في العالم من تغييرات حيث أصبح لا مكان إلا لمن يعمل ويعمل بجد واجتهاد لصالح وطنه وليس لمصالحه الشخصية.
آن الأوان أن يبدأ الرئيس محمد مرسي في إحالة كل من يحاول عرقلة مسيرته لتصحيح مسار مصر إلى التقاعد أو إلى المحاكمة بتهمة عرقلة مسيرة الدولة نحو التنمية المطلوبة. لابد من التخلص من جميع المعوقات التي تواجه الرئيس مرسي سواء من الهيئة القضائية أو الفضائيات المشبوهة التابعة للنظام البائد.
آن الأوان للتخلص ممن يطلقون عليهم محللين سياسيين وهم يدعون حب مصر والعمل لمصلحتها ولا نسمع منهم في الفضائيات أو على صفحات الجرائد إلا آراء تنطوي على تشويه للرئيس وقراراته والعمل على التشكيك في قدراته رغم أن الرجل حتى هذه اللحظة لم يتخذ قرارا إلا وظهر منه حبه لمصر وحرصه على خدمتها وخدمة شعبها.
اعلم أيها الرئيس أننا كمصريين محبون لهذا البلد نتابعك بمنتهى الحرص ونؤيدك كلما اتخذت قرارا صائبا ولن نخذلك أبدا طالما سعيت بكل جهدك للعمل على مصلحة مصر والمصريين الذين عانوا وصبروا على معاناتهم لستة عقود كاملة وهم الآن في انتظار الفرج ومعلقين كل آمالهم عليك وعلى طاقمك الذي تختاره بعناية لتنفيذ مشروع النهضة. فسر على بركة الله ووفق الله خطاك وسدد رميك.
[email protected]