يقول الله عز وجل في سورة الأعراف (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) ١٩٩
في هذه الآية بيان عجيب ووضوح رؤية لمن أراد أن يكون مسلما حقا، تقوم هذه الرؤية على ثلاث قواعد تهذب الأخلاق وتصفي النوايا وتساهم في إيجاد أسلوب دعوي متميز.
القاعدة الأولى: خذ العفو ويفيد هذا الأمر بوجوب الاتصاف بالعفو وتربية النفس عليه، فالأسلوب اللغوي البديع يفيد وجوب تربية المؤمن لنفسه على خلق العفو وهذا يتطلب مجاهدة النفس وكف شهواتها وشرها وهذا الخطاب أشمل من قول اعف لأن الاتصاف بالعفو دائم والعفو ممكن يكون متقطعا. وللعفو ضابط وهو المقدرة على الانتقام فإن لم يستطع وعفا فلا يسمى ذلك عفوا.
يتجلى في هذا المعنى أحداث كثيرة للعفو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم منها عفوه عن كفار قريش يوم الفتح حينما قال لهم «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، كما ضرب الصديق رضي الله عنه اروع الأمثلة في ذلك عندما عفا عن مسطح الذي خاض في حادثة الإفك.
القاعدة الثانية: الأمر بالعرف، والعرف هو ما يتعارف عليه جل الناس وضابطه المعتبر الا يخالف الشرع فإن خالفه فهو باطل، والأمر بالعرف يفيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بالمأمور به والمنهي عنه بالحكمة البالغة وهي كما قال ابن القيم: الحكمة فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي.
القاعدة الثالثة: الإعراض عن الجاهلين، وهو رد أذى وشر الجاهلين بأذى وشر مثله... فمقابلة الشر بالخير دعوة عظيمة حيث يقول الله عز وجل في سورة فصلت (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، ويفيد الإعراض وجوب هجر مجالس المعصية واللغو.
هذه القواعد الثلاث من جوامع وأصول الأخلاق، فلو تمسكنا بها لكان شأن المسلمين عظيما وحلت خلافاتهم واجتمعوا على الحق حتى تكون أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس.
[email protected]