منذ أن عرفنا مصطلح الفساد ونحن نلقي كل مشكلة أو تقصير عليه حتى أصبح شماعة تحمل مصائب الناس والمجتمع.. ولم نفكر في يوم من الأيام أن نخفف من هذا الحمل الثقيل على ظهر العباد والبلاد، بل لا يتعدى جهدنا في مواجهته عن سوالف في الدواوين والشجب والاعتراض والتغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى اننا لم نر بوضوح أن قام البعض بدراسة حالات الفساد ومتابعة المفسدين واتخاذ اللازم تجاهه.
مثل هذه الإجراءات من الممكن أن تتم فعلا إذا تضافرت الجهود الرسمية والشعبية مع استحضار الإخلاص وصفاء السريرة والمحافظة على المصلحة العامة وحب الوطن، فمصلحة الوطن أكبر مقاما أرفع منزلة من سقوط شخص أو مؤسسة هدفهم (نفسي نفسي).
إن الفساد داء استشرى بالدول والشعوب فهو مراد الإنسان ضعيف النفس فالنفس تراوده والشيطان يغويه.. هنا لا نجزع من مصطلح الفساد ولا نقف حيارى أمامه فهو كجبل رمل بني على ساحل البحر لا يتأثر مادام البحر ساكنا ولا يزيحه إلا أمواج متلاطمة.. فهل نستطيع أن نكون تلك الأمواج؟
زعماء ووزراء في الغرب يذهبون إلى عملهم بالباصات أو الدراجات لا يملكون سيارات بسائق وحرس عن أيمانهم وشمائلهم، يحافظون على ممتلكات وطنهم كأنها من حلالهم، ويحاسبون مرؤوسيهم بكل تقصير لا تردعهم مجاملة ولا ينتابهم خوف.
سفارة عربية في أوروبا دعت وزيرة الخارجية لحفل قدوم السفير الجديد، جاءت الوزيرة على دراجة فدخلت لم يعرفها أحد حتى صافحت السفير مما أثارت دهشته... وعندنا المسؤول يظل في برجه العاجي لا يصل له أحد.
هذه ثقافة كيف نعرف الفساد وكيف نواجهه؟ لذا يجب علينا أن ننشرها ونعلم الأجيال القادمة عليها ولا نترك الأمور كما يقال (على طمام المرحوم) فنحصد من الفساد ما يدمر البلاد والعباد.
إننا لنرجو ألا نفهم الفساد كداء عضال ليس له دواء، بل لابد أن نتعامل معه بثقة وعلم وعقاب لمن ارتضى به، حتى نشعر بأننا حقا أبناء الوطن البارون به.
[email protected]